الاثنين، 8 يونيو 2020

مجلس تدبر سورة الأعلى

مجلس تدبر سورة الأعلى~


سورة مكية ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأها في الركعة الأولى من صلاة العيد وصلاة الشفع قبل الوتر وفي صلاة الجمعة


والسورة فيها تنزيه لله تعالى بتسبيحه المتضمن لذكره وعبادته والخضوع لجلاله والاستكانة لعظمته وذكر قدرته


المقصد من هذه السورة: تأكيد تعلق النفوس باللع العظيم الأعلى ، والحرص على الآخرة ونعيمها، وعدم التعلق بالدنيا وبهرجها الزائل ، وهيتحمل رسالة مركزة للمؤمن أن العلو الحقيقي هو في طاعة الله وخشيته، وأن الشقاء والخسران في اجتناب هذه النصيحة والتعاق بالدنيا..



﴿سَبِّحِ اسمَ رَبِّكَ الأَعلَى﴾ 

تنزيه الله عن كل ما لا يليق بجلاله وعظمته.

ومعناها: سبح ربك ذاكراً اسمه ، وذلك تسبيح بالقلب واللسان معاً


الأعلى: من العلو ، فإذا قرأتها استشعر بنفسك أن الله عالٍ بصفاته وعالٍ بذاته ولهذا كان الإنسان إذا سجد يقول: سبحان ربي الأعلى



﴿الَّذي خَلَقَ فَسَوّى﴾:

خلق يعني أوجد من العدم

فسوى: يعني سوى ما خلقه على أحسن هيئة 



﴿وَالَّذي قَدَّرَ فَهَدى﴾ قدّر كل شيء عز وجل

فالآجال محدودة والأحوال محدودة والأجسام محدودة وكل شيء مقدر تقديراً


فهدى: يشمل الهداية الشرعية والهداية الكونية

الهداية الكونية : أن الله هدى كل شيء لما خلق له، تحد كل مخلوق هداه الله لما يحتاج إليه .

أما الهداية الشرعية وهي الأهم للإنسان:

وهي المقصد من خياة بني آدم : ( وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون ) وأخبرنا الله بذلك لأجل أن نلجأ إليه في جميع أمورنا


﴿وَالَّذي أَخرَجَ المَرعى﴾

وهذه الهداية العامة، التي مضمونها أنه هدى كل مخلوق لمصلحته، وتذكر فيها نعمه الدنيوية، ولهذا قال فيها: ﴿وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى﴾ أي: أنزلمن السماء ماء فأنبت به أنواع النبات والعشب الكثير، فرتع فيها الناس والبهائم وكل حيوان ، ثم بعد أن استكمل ما قدر له من الشباب، ألوىنباته، وصوح عشبه.



﴿فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى﴾ أي: أسود أي: جعله هشيمًا رميمًا، ويذكر فيها نعمه الدينية.


﴿سَنُقرِئُكَ فَلا تَنسى﴾

وعد من الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم أنه يقرئه القرآن ولا ينساه 


﴿إِلّا ما شاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعلَمُ الجَهرَ وَما يَخفى﴾ 

أي إلا ما شاء الله أن تنساه فإن الأمر بيده عز وجل ، وربما نُسي النبي صلى الله عليه وسلم آية من كتاب الله ولكنه سرعان ما يذكرها عليهالصلاة والسلام 



 إِنَّهُ يَعلَمُ الجَهرَ وَما يَخفى: فالله عز وجل يعلم الجهر وهو ما يجهر به الإنسان ويتكلم به مسموعاً

وما يخفى فهو أيضاً يعلمه سبحانه



﴿وَنُيَسِّرُكَ لِليُسرى﴾ وعد من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم  أن تكون أموره ميسرة ولا سيما في طاعة الله عز وجل


﴿فَذَكِّر إِن نَفَعَتِ الذِّكرى﴾ 

فذكر الناس بآيات الله وأيام الله وعظهم 

 إِن نَفَعَتِ الذِّكرى : يعني في محل تنفع فيه الذكرى 

والمعنى ذكر على كل حال فالذكرى سوف تنفع، تنفع المؤمنين وتنفع المُذكِّر ..



﴿سَيَذَّكَّرُ مَن يَخشىوَيَتَجَنَّبُهَا الأَشقَى﴾ 

بين الله تعالى أن الناس ينقسمون بعد الذكرى إلى قسمين:

القسم الأولمن يخشى الله ويخافه عن علم بعظمته جل وعلا، فمن يخشى الله ويخاف الله إذا ذكر بآيات الله انتعظ وانتفع

القسم الثانيوَيَتَجَنَّبُهَا الأَشقَى: أي يتجنب هذه الذكرى ولا ينتفع بها الأشقى

والأشقى هو البالغ في الشقاوة غايتها وهذا هو الكافر والعياذ بالله



﴿الَّذي يَصلَى النّارَ الكُبرى﴾ وهي نار جهنم والعياذ بالله

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أن نار الدنيا جزء من سبعين جزءاً من نار الآخرة )


ثم إذا صلاها : ﴿ثُمَّ لا يَموتُ فيها وَلا يَحيى﴾ : لا يموت ميتة يستريح بها، ولا يحيا حياة يسعد بها، فهو في عذاب وجحيم



﴿قَد أَفلَحَ مَن تَزَكّى﴾ الفلاح كلمة جامعة وهي الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب، فهذا هو معنى الفلاح فهي كلمة جامعة لكل خير، دافعة لكلشر..

تزكى أي تطهر ظاهرة وباطنه من الشرك والنفاق وعدم إطلاق لسانه وجوارحه في العدوان على عباد الله



﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ أي: اتصف بذكر الله، وانصبغ به قلبه، فأوجب له ذلك العمل بما يرضي الله، خصوصًا الصلاة، التي هي ميزانالإيمان



﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ أي: تقدمونها على الآخرة، وتختارون نعيمها المنغص المكدر الزائل على الآخرة


﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ وللآخرة خير من الدنيا في كل وصف مطلوب، وأبقى لكونها دار خلد وبقاء وصفاء، والدنيا دار فناء، فالمؤمن العاقل لايختار الأردأ على الأجود، ولا يبيع لذة ساعة، بترحة الأبد، فحب الدنيا وإيثارها على الآخرة رأس كل خطيئة.



﴿إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الأولى﴾

﴿إِنَّ هَذَا﴾ المذكور لكم في هذه السورة المباركة، من الأوامر الحسنة، والأخبار المستحسنة ﴿لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى﴾



﴿صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾ اللذين هما أشرف المرسلين، سوى النبي محمد صلى الله وسلم عليه وسلم.

فهذه أوامر في كل شريعة؛ لكونها عائدة إلى مصالح الدارين، وهي مصالح في كل زمان ومكان.

نسأل الله أن يجعلنا ممن أوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ووقاه الله عذاب النار إنه جواد كريم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق