الأحد، 11 مايو 2025

مجلس تدبر سورة التوبة 2️⃣

 ✍🏻 المجلس التدبّري  لـ سورة   التوبة ..2️⃣


بتاريخ الاثنين :-٧- ذوالقعدة 

  - ١٤٤٦ هجري 



تفسير الآيات من آية (١٢) إلى آية (٢٩)


 ✨بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ



✏️{وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ [١٢]



*يقول تعالى بعدما ذكر أن المعاهدين من المشركين إن استقاموا على عهدهم فاستقيموا لهم على الوفاء: 


لكن : وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ ْ: نقضوها وحلوها، فقاتلوكم أو أعانوا على قتالكم، أو نقصوكم، 


{ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ ْ} أي: عابوه، وسخروا منه.


ويدخل في هذا جميع أنواع الطعن الموجهة إلى الدين، أو إلى القرآن، 


{ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ْ} أي: القادة فيه، الرؤساء، وخصهم بالذكر لعظم جنايتهم، ولأن غيرهم تبع لهم، وليدل على أن من طعن في الدين وتصدى للرد عليه، فإنه من أئمة الكفر.


{ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ ْ: لا عهود ولا مواثيق يلازمون على الوفاء بها، بل لا يزالون خائنين، ناكثين للعهد، لا يوثق منهم.


لَعَلَّهُمْ ْ؛-في قتالكم إياهم { يَنْتَهُونَ ْ:-عن الطعن في دينكم، وربما دخلوا فيه، ثم حث على قتالهم، وهيج المؤمنين بذكر الأوصاف، التي صدرت من هؤلاء الأعداء، والتي هم موصوفون بها، المقتضية لقتالهم 


فقال: ✏️{أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ أَتَخْشَوْنَهُمْ ۚ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [١٣]


 الذي يجب احترامه وتوقيره وتعظيمه❓وهم هموا أن يجلوه ويخرجوه من وطنه وسعوا في ذلك ما أستطاعو 


قال عزّ وجل { وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ْ} حيث نقضوا العهد وأعانوا عليكم، وذلك حيث عاونت  قريش -وهم معاهدون- بني بكر حلفاءهم على خزاعة حلفاء رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وقاتلوا معهم كما هو مذكور في السيرة.


{ أَتَخْشَوْنَهُمْ ْ} في ترك قتالهم { فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ْ} فإنه  أمركم بقتالهم، وأكد ذلك عليكم غاية التأكيد.


فإن كنتم مؤمنين فامتثلوا لأمر اللّه، ولا تخشوهم فتتركوا أمر اللّه، ثم أمر بقتالهم وذكر ما يترتب على قتالهم من الفوائد، وكل هذا حث وإنهاض للمؤمنين على قتالهم، 


فقال: ✏️{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ [١٤]

إذا نصركم اللّه عليهم، وهم الأعداء، { وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ ْ} هذا وعد من اللّه وبشارة قد أنجزها.


✏️{وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ ۗ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [١٥]

وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ ْ:- فإن في قلوبهم من الحنق والغيظ عليهم ما يكون قتالهم وقتلهم شفاء لما في قلوب المؤمنين من الغم والهم، إذ يرون هؤلاء الأعداء محاربين للّه ولرسوله، ساعين في إطفاء نور اللّه، وزوالا للغيظ الذي في قلوبهم، 


*وهذا يدل على محبة اللّه لعباده المؤمنين، واعتنائه بأحوالهم، حتى إنه جعل -من جملة المقاصد الشرعية- شفاء ما في صدورهم وذهاب غيظهم.


ثم قال: { وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ ْ} من هؤلاء المحاربين، بأن يوفقهم للدخول في الإسلام، ويزينه في قلوبهم، ويُكَرِّهَ إليهم الكفر والفسوق والعصيان.


{ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ْ} يضع الأشياء مواضعها، ويعلم من يصلح للإيمان فيهديه، اللهم اهدنا للايمان وثبتنا عليه حتى نلقاك 

ومن لا يصلح، فيبقيه في غيه وطغيانه.


               🔺وقفة تأمل 🔻

فأري الله من فيك التوبة وحب الخير والاستقامة، وكره المعاصي وبغضها

لعل الله يرحمنا برحمته التي وسعت كل شي لكن لايكتبها إلاّ للذين يتقون . 

      🍃نسأل الله أن نكون منهم🍃



✏️{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [١٦]


يقول تعالى لعباده المؤمنين بعد ما أمرهم بالجهاد: { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا ْ:-من دون ابتلاء وامتحان، وأمر بما يبين به الصادق والكاذب.


{ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ ْ} أي: علما يظهر مما في القوة إلى الخارج، ليترتب عليه الثواب والعقاب، فيعلم الذين يجاهدون في سبيله: لإعلاء كلمته 


{ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ْ} أي: وليا من الكافرين، بل يتخذون اللّه ورسوله والمؤمنين أولياء.


*فشرع اللّه الجهاد ليحصل به هذا المقصود الأعظم، وهو أن يتميز الصادقون الذين لا يتحيزون إلا لدين اللّه، من الكاذبين الذين يزعمون الإيمان وهم يتخذون الأولياء من دون اللّه ولا رسوله ولا المؤمنين.


{ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ْ} أي: يعلم ما يصير منكم ويصدر، فيبتليكم بما يظهر به حقيقة ما أنتم عليه، ويجازيكم على أعمالكم خيرها وشرها.


نسأل الله أن يجعلنا من الصابرين، الحامدين لله في أحوال السراء والضراء 🍃


📍 لأن الله سبحانه وتعالى يعلم وهو لطيف ، يعلم مايصلح لعبده فينزله عليه

سواء ابتلاء بنعمة ، أو ابتلاء بمصيبة 

نحن في هذه الدنيا في ابتلاءات 

*الصحة ابتلاء

*المرض ابتلاء 

*المال ابتلاء 

*الفقر ابتلاء 

الله سبحانه وتعالى يعطيك ليرى كيف تصنع

هل نسيت الله ، أم أنا رضى الله نصب عينيك 

الله خبير بما تعملون *



ثم قال الله عز وجل ✏️{مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ ۚ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ [١٧]


مَا كَانَ ْ: ما ينبغي ولا يليق { لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ ْ} بالعبادة، والصلاة، وغيرها من أنواع الطاعات، 


والحال أنهم شاهدون ومقرون على أنفسهم بالكفر بشهادة حالهم وفطرهم،.


فإذا كانوا { شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ ْ} وعدم الإيمان، الذي هو شرط لقبول الأعمال، فكيف يزعمون أنهم عُمَّارُ مساجد اللّه، والأصل منهم مفقود، وهو الايمان)والأعمال منهم باطلة❓


ولهذا قال: { أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ْ: بطلت وضلت { وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ْ}


*ثم ذكر من هم عمار مساجد اللّه 


فقال: ✏️{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ [١٨]


{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ ْ} الواجبة والمستحبة، بالقيام بالظاهر منها والباطن. 📍وخص الصلاة لأنها أحب الاعمال

وأول مايسأل عنه العبد في قبره

وإن صلحت ، صلحت كل أعمالك

بعد أركان الإيمان السته ، 

   والإيمان ماوقر في القلب *


{ وَآتَى الزَّكَاةَ ْ} لأهلها { وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ْ} أي قصر خشيته على ربه، فكف عما حرم اللّه، ولم يقصر بحقوق اللّه الواجبة.


فوصفهم بالإيمان النافع، وبالقيام بالأعمال الصالحة التي أُمُّها الصلاة والزكاة، وبخشية اللّه التي هي أصل كل خير، فهؤلاء عمار المساجد على الحقيقة وأهلها، الذين هم أهلها.


{ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ْ} و { عسى ْ} من اللّه واجبة. وأما من لم يؤمن باللّه ولا باليوم الآخر، ولا عنده خشية للّه، فهذا ليس من عمار مساجد اللّه، ولا من أهلها الذين هم أهلها، وإن زعم ذلك وادعاه.


✏️{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [١٩]


لما اختلف بعض المسلمين، أو بعض المسلمين وبعض المشركين، في تفضيل عمارة المسجد الحرام، بالبناء والصلاة والعبادة فيه وسقاية الحاج، على الإيمان باللّه والجهاد في سبيله، 


أخبر اللّه تعالى بالتفاوت بينهما، فقال: { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ } أي: سقيهم الماء من زمزم كما هو المعروف  الذي هو يوم التروية.


 { وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ }


فالجهاد والإيمان باللّه أفضل من سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام بدرجات كثيرة، لأن الإيمان أصل الدين، وبه تقبل الأعمال، وتزكو الخصال.


وأما الجهاد في سبيل اللّه فهو ذروة سنام الدين، الذي به يحفظ الدين الإسلامي ويتسع، وينصر الحق ويخذل الباطل.


وأما عمارة المسجد الحرام وسقاية الحاج، فهي وإن كانت أعمالا صالحة، فهي متوقفة على الإيمان، وليس فيها من المصالح ما في الإيمان والجهاد، 


فلذلك قال: { لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } أي: الذين وصفهم الظلم، الذين لا يصلحون لقبول شيء من الخير، بل لا يليق بهم إلا الشر.


ثم صرح بالفضل فقال: ✏️{الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ [٢٠]

 بالنفقة في الجهاد وتجهيز الغزاة { وَأَنْفُسِهِمْ } بالخروج بالنفس


{ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ : لا يفوز بالمطلوب ولا ينجو من المرهوب، إلا من اتصف بصفاتهم، وتخلق بأخلاقهم.


✏️{يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ [٢١]

{ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ } جودا منه، وكرما وبرا بهم، واعتناء ومحبة لهم، { بِرَحْمَةٍ مِنْهُ } أزال بها عنهم الشرور، وأوصل إليهم [بها] كل خير. { وَرِضْوَانٍ } منه تعالى عليهم، الذي هو أكبر نعيم الجنة وأجله، فيحل عليهم رضوانه، فلا يسخط عليهم أبدا.


{ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ } من كل ما اشتهته الأنفس، وتلذ الأعين، مما لا يعلم وصفه ومقداره إلا اللّه تعالى، الذي منه أن اللّه أعد للمجاهدين في سبيله مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، ولو اجتمع الخلق في درجة واحدة منها لوسعتهم.


✏️{خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [٢٢]

لا ينتقلون عنها، ولا يبغون عنها حِوَلًا، { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } لا تستغرب كثرته على فضل اللّه، ولا يتعجب من عظمه وحسنه على من يقول للشيء كن فيكون.


✏️{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [٢٣]


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ؛-اعملوا بمقتضى الإيمان، بأن توالوا من قام به، وتعادوا من لم يقم به.


و { لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ } الذين هم أقرب الناس إليكم، وغيرهم من باب أولى وأحرى، فلا تتخذوهم { أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا : اختاروا على وجه الرضا والمحبة { الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ }


{ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } لأنهم تجرؤوا على معاصي اللّه، واتخذوا أعداء اللّه أولياء، وأصل الولاية: المحبة والنصرة، وذلك أن اتخاذهم أولياء، موجب لتقديم طاعتهم على طاعة اللّه، ومحبتهم على محبة اللّه ورسوله.


ولهذا ذكر السبب الموجب لذلك، وهو أن محبة اللّه ورسوله، يتعين تقديمهما على محبة كل شيء، وجعل جميع الأشياء تابعة لهما .



فقال: ✏️{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [٢٤]

{ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ } ومثلهم الأمهات { وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ } في النسب والعشرة  { وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ : قراباتكم عموما { وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا : اكتسبتموها وتعبتم في تحصيلها، خصها بالذكر، لأنها أرغب عند أهلها، وصاحبها أشد حرصا عليها ممن تأتيه الأموال من غير تعب ولا كَدّ.


{ وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا : رخصها ونقصها، وهذا شامل لجميع أنواع التجارات والمكاسب من عروض التجارات، من الأثمان، والأواني، والأسلحة، والأمتعة، والحبوب،، والأنعام، وغير ذلك.


{ وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا } من حسنها وزخرفتها وموافقتها لأهوائكم، فإن كانت هذه الأشياء { أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ } فأنتم فسقة ظلمة.


{ فَتَرَبَّصُوا : انتظروا ما يحل بكم من العقاب { حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ } الذي لا مرد له.


{ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ : الخارجين عن طاعة اللّه، المقدمين على محبة اللّه شيئا من المذكورات.


📍 وهذه الآية الكريمة أعظم دليل على وجوب محبة اللّه ورسوله، وعلى تقديمها على محبة كل شيء، وعلى الوعيد الشديد والمقت الأكيد، على من كان شيء من هذه المذكورات أحب إليه من اللّه ورسوله، وجهاد في سبيله.


وعلامة ذلك، أنه إذا عرض عليه أمران، أحدهما يحبه اللّه ورسوله، وليس لنفسه فيها هوى، والآخر تحبه نفسه وتشتهيه، ولكنه يُفَوِّتُ عليه محبوبًا للّه ورسوله، أو ينقصه، فإنه إن قدم ما تهواه نفسه، على ما يحبه اللّه، دل ذلك على أنه ظالم، تارك لما يجب عليه.


📍وهكذا قيسي عليه كل أمورك

قبل كل أمر توقفي✋ هل هو يرضي الله ورسوله  ،،اقدمي ،، 

وإذا كان لايرضي الله ورسوله ، لكن تبع لنفسك ورضاه توقفي ،، وراجعي 

وابحثي عن بديل 

حتى لانكون من الفاسقين 

لو رضي الإنسان لنفسه بالدون مره بعد مره ، ثم يعتاد بعد ذلك ..



✏️{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ [٢٥]


يمتن تعالى على عباده المؤمنين، بنصره إياهم في مواطن كثيرة من مواطن اللقاء، ومواضع الحروب والهيجاء، حتى في يوم { حنين } الذي اشتدت عليهم فيه الأزمة، ورأوا من التخاذل والفرار، ما ضاقت عليهم به الأرض على رحبها وسعتها.


📍 وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة، سمع أن هوازن اجتمعوا لحربه، فسار إليهم صلى الله عليه وسلم في أصحابه الذين فتحوا مكة، وممن أسلم من الطلقاء أهل مكة، 


فكانوا اثني عشر ألفا، والمشركون أربعة آلاف، فأعجب بعض المسلمين بكثرتهم، وقال بعضهم: لن نغلب اليوم من قلة.


فلما التقوا هم وهوازن، حملوا على المسلمين حملة واحدة، فانهزموا لا يلوي أحد على أحد، ولم يبق مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، إلا نحو مائة رجل، ثبتوا معه، 


وجعلوا يقاتلون المشركين، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم، يركض بغلته نحو المشركين ويقول: { أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب }


ولما رأى من المسلمين ما رأى، أمر العباس بن عبد المطلب أن ينادي في الأنصار وبقية المسلمين، وكان رفيع الصوت، فناداهم: يا أصحاب السمرة، يا أهل سورة البقرة.


فلما سمعوا صوته، عطفوا عطفة رجل واحد، فاجتلدوا مع المشركين، فهزم اللّه المشركين، هزيمة شنيعة، واستولوا على معسكرهم ونسائهم وأموالهم.


وذلك قوله تعالى { لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ } وهو اسم للمكان الذي كانت فيه الوقعة بين مكة والطائف.


{ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا : لم تفدكم شيئا، قليلا ولا كثيرا { وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ } بما أصابكم من الهم والغم حين انهزمتم { بِمَا رَحُبَتْ : على رحبها وسعتها، { ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ : منهزمين.



✏️{ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ [٢٦]

 والسكينة ما يجعله اللّه في القلوب وقت القلاقل والزلازل والمفظعات، مما يثبتها، ويسكنها ويجعلها مطمئنة، وهي من نعم اللّه العظيمة على العباد.


{ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا } وهم الملائكة، أنزلهم اللّه معونة للمسلمين يوم حنين، يثبتونهم، ويبشرونهم بالنصر.


{ وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا } بالهزيمة والقتل، واستيلاء المسلمين على نسائهم وأولادهم وأموالهم.


{ وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ } يعذبهم اللّه في الدنيا، ثم يردهم في الآخرة إلى عذاب غليظ.


✏️{ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [٢٧]

فتاب اللّه على كثير ممن كانت الوقعة عليهم، وأتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلمين تائبين، فرد عليهم نساءهم، وأولادهم.


{ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ : ذو مغفرة واسعة، ورحمة عامة، يعفو عن الذنوب العظيمة للتائبين، ويرحمهم بتوفيقهم للتوبة والطاعة، والصفح عن جرائمهم، وقبول توباتهم، فلا ييأسنَّ أحد من مغفرته ورحمته، ولو فعل من الذنوب والإجرام ما فعل



✏️{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [٢٨]


المشركون باللّه الذين عبدوا معه غيره { نَجَسٌ : خبثاء في عقائدهم وأعمالهم، وأي نجاسة أبلغ ممن كان يعبد مع اللّه آلهة لا تنفع ولا تضر، ولا تغني عنه شيئا❓


وأعمالهم ما بين محاربة للّه، وصد عن سبيل اللّه ونصر للباطل، ورد للحق، وعمل بالفساد في الأرض لا في الصلاح، فعليكم أن تطهروا أشرف البيوت وأطهرها عنهم.


{ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا } وهو سنة تسع من الهجرة، حين حج بالناس أبو بكر الصديق، وبعث النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمه علي ، أن يؤذن يوم الحج الأكبر بـ { براءة } فنادى أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.


، وإنما المراد كما تقدم نجاستهم المعنوية، بالشرك، فكما أن التوحيد والإيمان، طهارة، فالشرك نجاسة.


وقوله: { وَإِنْ خِفْتُمْ } أيها المسلمون { عَيْلَةً : فقرا وحاجة، من منع المشركين من قربان المسجد الحرام،


، { فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ } فليس الرزق مقصورا على باب واحد، ومحل واحد، بل لا ينغلق باب إلا وفتح غيره أبواب كثيرة، 


فإن فضل اللّه واسع، وجوده عظيم، خصوصا لمن ترك شيئا لوجهه الكريم، فإن اللّه أكرم الأكرمين.


وقد أنجز اللّه وعده، فإن اللّه قد أغنى المسلمين من فضله، وبسط لهم من الأرزاق ما كانوا به من أكبر الأغنياء والملوك.


وقوله: { إِنْ شَاءَ } تعليق للإغناء بالمشيئة، لأن الغنى في الدنيا، ليس من لوازم الإيمان، ولا يدل على محبة اللّه، فلهذا علقه اللّه بالمشيئة.



فإن اللّه يعطي الدنيا، من يحب، ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان والدين، إلا من يحب.


هذه الاية بلسم لكثير من المسلمين 

تركتِ شي لله عوضك الله خيًرا منه

ابس فقط مال ، أو جاه وقصور، 

وإنما قد يعوضك الله غنى في قلبك 



{ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ : علمه واسع، يعلم من يليق به الغنى، ومن لا يليق، ويضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها.


وتدل الآية الكريمة، وهي قوله { فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا } أن المشركين بعد ما كانوا، هم الملوك والرؤساء بالبيت، ثم صار بعد الفتح الحكم لرسول اللّه والمؤمنين، مع إقامتهم في البيت، ومكة المكرمة، ثم نزلت هذه الآية.


ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يجلوا من الحجاز، فلا يبقى فيها دينان، وكل هذا لأجل بُعْدِ كل كافر عن المسجد الحرام، 


فيدخل في قوله { فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا }


✏️{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ

 [٢٩]

هذه الآية أمر بقتال الكفار من اليهود والنصارى من { الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ } إيمانا صحيحا


، { وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ : لا يدينون بالدين الصحيح، وإن زعموا أنهم على دين، فإنه دين غير الحق، لأنه إما بين دين مبدل، وهو الذي لم يشرعه اللّه أصلا،


فأمره بقتال هؤلاء وحث على ذلك، لأنهم يدعون إلى ما هم عليه، ويحصل الضرر الكثير منهم للناس،


وغيَّى ذلك القتال { حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ : المال الذي يكون جزاء لترك المسلمين قتالهم، وإقامتهم آمنين على أنفسهم وأموالهم، بين أظهر المسلمين،


وقوله: { عَنْ يَدٍ : حتى يبذلوها  في حال ذلهم، وعدم اقتدارهم، ويعطونها بأيديهم، فلا يرسلون بها خادما ولا غيره، بل لا تقبل إلا من أيديهم، 

{ وَهُمْ صَاغِرُونَ }


فإذا كانوا بهذه الحال، وسألوا المسلمين أن يقروهم بالجزية، وهم تحت أحكام المسلمين وقهرهم، وجب على الإمام أو نائبه أن يعقدها لهم.


وإلا بأن لم يفوا، ولم يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، لم يجز إقرارهم بالجزية، بل يقاتلون حتى يسلموا.


📌 واستدل بهذه الآية الجمهور الذين يقولون: لا تؤخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، لأن اللّه لم يذكر أخذ الجزية إلا منهم.


وأما غيرهم فلم يذكر إلا قتالهم حتى يسلموا، وألحق بأهل الكتاب في أخد الجزية وإقرارهم في ديار المسلمين، المجوس، 


فإن النبي صلى الله عليه وسلم، أخذ الجزية من مجوس هجر، ثم أخذها أمير المؤمنين عمر من الفرس المجوس.


وقيل: إن الجزية تؤخذ من سائر الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، لأن هذه الآية نزلت بعد الفراغ من قتال العرب المشركين،


ويدل على هذا أن المجوس أخذت منهم الجزية وليسوا أهل كتاب، ولأنه قد تواتر عن المسلمين من الصحابة ومن بعدهم أنهم يدعون من يقاتلونهم إلى إحدى 


ثلاث: إما الإسلام، أو أداء الجزية، أو السيف، من غير فرق بين كِتَابِيٍّ وغيره.



*نسأل الله أن ينفعنا ويرزقنا ايمانًا صادقًا نافعاً لقلوبنا ويكون عونًا على طاعتك🍃



✨نكمل اللقاء القادم بإذن الله ✨


اللهم صلّ وسلّم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم 

الدين 🍃


سبحانك اللهم وبحمدك، 

أشهد  أن لا إله  إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق