✍🏻 المجلس التدبّري لـ
"سورة المؤمنون" 4️⃣
الإثنين- ١٨ -٥-١٤٤٤ هجري
تفسير الآيات من آيـة (٧٣) إلى (١٠٠)
@ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ @
✏️{وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
[٧٣]
إنه لما كانت عظمة الملك مقتضية لتقبل ما أتى به، والتشرف به على أي حال كان؛ نبه على أنه حق، يكسب قبوله الشرف لو لم يكن من عند الملك؛ فكيف إذا كان من عنده.
فكيف إذا كان الآتي به خالصة العباد، وأشرف الخلق ❓
"كما قام عليه الدليل بنفي هذه المطاعن كلها، فقال عاطفا على (أتيناهم )
وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم :- وإنك -يا محمد- لتدعو مشركي قومك إلى طريق مستقيم لا اعوجاج فيه، وهو دين الإسلام .
✏️{وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ [٧٤]
وإن المكذبين بالبعث بعد الموت لمنحرفون عن طريق الحق المستقيم، ، فصائرون إلى النار .
✏️{وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [٧٥] ولو رحمنا هؤلاء المكذبين الذين لا يؤمنون بالآخرة، ورفعنا ما أصابهم من عذاب الدنيا من قحط وجدب وفقر،، لتمادوا واستمروا في كفرهم وضلالهم، وهم يترددون حيارى لا يميزون الحق من الباطل .
✏️{وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ [٧٦]
أنها استدلال على مضمون قوله:
[وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ]
"استدلال بسابق إصرار المشركين على الشرك،، وعدم الاتعاظ بأن ما حل بهم من العذاب هو جزاء شركهم .
"ولقد أصبناهم بعذاب الدنيا -كإصابتهم بالجوع وغيره- فما خضعوا لربهم بالانقياد لأوامره،، وما دعوه بخشوع وتذلل وافتقار؛ ليرفع عنهم البلاء الذي أصابهم
✏️{حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ [٧٧] حتى إذا فتحنا عليهم عذابا شديدا، إذا هم في ذلك العذاب الشديد نادمون على ما صدر منهم،
📕 قال ابن عطيه -رحمه الله -
إما أن يكون في يوم بدر( بالسيوف)
أو توعد بعذاب غير معين
( كفقر وجوع ) وما إلى ذلك…
♨️الفوائد التربوية♨️
🔹لما قال الله تعالى(وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ* وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ)
ذكر الله تعالى في هذه الآيات والتي قبلها كل سبب موجب للإيمان، وذكر الموانع، وبين فسادها،
🔸 من الموانع: أن قلوبهم في غمرة، وأنهم لم يدبّروا القول، وأنهم اقتدوا بآبائهم، وأنهم قالوا برسولهم جنة،
🔹 وذكر من الأمور الموجبة لإيمانهم: تدبر القرآن، وتلقي نعمة الله بالقبول، ومعرفة كمال صدقه وأمانته، صلى الله عليه وسلم وأنه لا يسألهم عليه أجرا في دعوته،، وإنما سعيه لنفعهم ومصلحتهم .
♨️مانستفيد من هذه الايات ♨️
أن الله يبتلي عبده؛ بأنواع البلايا ليسمع شكواه وتضرعه ودعاءه، ،لأن الله ذم من لم يتضرع إليه ولم يستكن له وقت البلاء،
🔸 وقال:(وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ)
، والعبد أضعف من أن يتجلد على ربه، والرب تعالى لم يرد من عبده أن يتجلد عليه، بل أراد منه أن يستكين له ويتضرع إليه،
🩸 قيل لبعضهم ؛-كيف تشتكي إليه ما ليس يخفى عليه❓ فقال: ربي يرضى ذل العبد إليه .
🔹المؤمن من يستكين قلبه لربه، ويخشع له ويتواضع، ويظهر مسكنته وفاقته إليه في الشدة والرخاء؛
🔸أما في حالة الرخاء: فإظهار الشكر، وأما في حال الشدة: فإظهار الذل والعبودية، والفاقة والحاجة إلى كشف الضر؛
✏️{وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ [٧٨] بعد أن ذكر سبحانه إعراض المشركين عن سماع الأدلة، ورؤية العبر والتأمل فى الحقائق-
📌 جاءت الايات التي فيها امتنان الله على عباده بأنه قد أعطاهم الحواس؛ من السمع والبصر وغيرهما،
حتى تكون هذه منافذ قبول الحق ،، لكنها لم تغن عنهم شيئا،
كما قال تعالى <فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ >
"وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة.:-والله وحده هو الذي أوجد لكم السمع الذي تسمعون به، والأبصار التي تبصرون بها، والقلوب التي تعقلون بها، فتنتفعون بها في مصالح دينكم ودنياكم .
"قليلا ما تشكرون.:-لا تشكرون الله إلا شكرا قليلا على ما أنعم به عليكم .
" جعلنا الله من القلة القليل الذي يشكرون الله حق شكره 🍃
✏️{وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [٧٩]
والله هو الذي خلقكم وبثكم -أيها الناس- بالتناسل في سائر جهات الأرض، على اختلاف أجناسكم وصفاتكم ولغاتكم .
"وإليه تحشرون :- وإلى الله وحده تجمعون يوم القيامة، فيحييكم بعد موتكم ليحاسبكم ويجازيكم بما عملتم من خير وشر .
✏️{وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ [٨٠] والله وحده الذي يحيي خلقه بنفخ الروح فيهم، وهو يميتهم بعد أن أحياهم .
وله اختلاف الليل والنهار.:-لما كان من الإحياء خلق الإيقاظ، ومن الإماتة خلق النوم،
كما قال تعالى<اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا >
" عطف على ذلك أن بقدرته اختلاف الليل والنهار؛ لتلك المناسبة .
" لما كانت حقيقة البعث إيجاد الشيء كما هو بعد إعدامه؛ ذكرهم بأمر طالما رأوه كل يوم وهو ماذا ❓
"وله اختلاف الليل والنهار.:-ولله وحده اختلاف الليل والنهار، فهو الذي جعلهما يتناوبان ويتعاقبان بقدرته سبحانه، فيذهب بالليل، ويأتي بالنهار، ثم يذهب بالنهار، ويأتي بالليل .
"أفلا تعقلون.:- أفليست لكم عقول تدركون بها أن الذي خلق لكم السمع والأبصار والأفئدة، وذرأكم في الأرض، ويحيي ويميت، وله اختلاف الليل والنهار -هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وأنه القادر على بعثكم بعد موتكم .
✏️{بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ [٨١]
لما ذكر الله دلائل التوحيد؛ عقبه بذكر المعاد، فقال: بل قالوا مثل ما قال الأولون في إنكار البعث مع وضوح الدلائل .
"بل قالوا مثل ما قال الأولون : هم لا يعقلون تلك الأدلة والحجج، ولا يعتبرون بها، ولكنهم يقولون بإنكار البعث بعد الموت، كما قال أسلافهم المكذبون به .
✏️{قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [٨٢]
قالوا: أإذا متنا وصرنا ترابا وعظاما في قبورنا، هل سنبعث بعد الموت
✏️{لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَٰذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ [٨٣] لقد سبق أن وعد آباؤنا من قبلنا بالبعث، كما وعدنا نحن به، ولم نر له حقيقة .
"إن هذا إلا أساطير الأولين.:-ما هذا البعث الذي تتحدثون به إلاّ أقاويل وأحاديث خرافية،
♨️نستفيد من الآيات ♨️
(وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ)
فذكر أنه قد جعل لهم ما يدركون به من سمع وبصر وافئدة قلوبٌ يعقلون بها
"ومع ذلك ذما لهم على عدم شكر نعم الله؛
"هذه الاية فيه ثلاثة معان:-
✨الأول إظهار النعمة.
✨الثاني مطالبة العباد بالشكر عليها.
✨الثالث :- الشكاية أن الشاكر قليل ،
🔹 والشكر هو القيام بطاعة المنعم إقرارا بالقلب، واعترافا باللسان، وعملا بالجوارح،،فعلينا دائم شكر الله ؛
& بهذه الأركان الثلاثة &
@بالقلب، واللسان،، والجوارح @
" على ماأنعم الله علينا من سمع وبصر وقلوب نميز بها بين الحلال والحرام
"اللهم لك الحمد حمدا كثيرًا طيبًا مباركاًفيه🍃وأن يوزعنا شكر نعمته التي انعمها علينا🍃
📍وقفة هااامة 📍
🔸 عند قوله تعالى:- وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة :- فيه تنبيه على أن من لم يعمل هذه الأعضاء،، فهو كعادم هذه الأعضاء .،الذي لايشكر الله على سمعه وبصره ولايعملها في طاعة الله
كيف اعمل بصري في طاعة الله ❓
"التأمل في خلق الله ،،انظر في آيات الله المتلوة،، نظرك في القرآن عبادة تؤجرين عليه وهذا من شكر نعم الله أن أعطانا عينين نبصر بها هذه الايات
نتدبر ونقرأ بها ، ونخاف الله ونرجوه
📍كذلك تنقل الانسان في خلق الله مابين سماء وجبال وأرض وغروب الشمس
وبدأ ينظر ويتأمل قدرة الله سبحانه وتعالى ،،وعظم الله في قلبه
"فهو يُعمل هذه الاعضاء شكر لله عز وجل
وبالمقابل لايُعمل هذه النعم السمع والبصر والقلب فيما يغضب الله .
✏️{قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [٨٤] لما اتخذ المشركون من دون الله آلهة، ونسبوا إليه الولد، نبههم على فرط جهلهم بكونهم يقرون بأنه تعالى له الأرض ومن فيها،
"وأنه رب العالم العلوي، وأنه مالك كل شيء، ومع ذلك ينسبون له الولد،
"قل -يا محمد- لهؤلاء المكذبين بالبعث: لمن ملك الأرض ومن فيها من الخلق، إن كنتم تعلمون من هو مالك ذلك وخالقه ❓
✏️{سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [٨٥] سيقول المشركون: الأرض ومن فيها لله، فقل لهم حين ذلك: أفلا تتأملون وتتفكرون، فتتذكرون ما هو معلوم عندكم، ومستقر في الفطرة ؛
"أن الذي قدر على خلق ذلك كله هو المستحق للعبادة،
✏️{قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [٨٦] لما ذكرهم الله بالعالم السفلي لقربه؛ تلاه بالعلوي؛ لأنه أعظم،
"قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم :-من خالق السموات السبع ومالكها ومدبرها، ومن خالق العرش الكبير الواسع ويعلم مافيه بملكه وتدبيره
✏️{سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ [٨٧] ذلك كله لله؛: أفلا تتقون سخط الله وغضبه وعذابه،
✏️{قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [٨٨]
لما قررهم بالعالم: العلوي والسفلي، أمره بأن يقررهم بما هو أعم منهما
وأعظم، فقال :-قل من بيده ملكوت كل شيء.:- ملك كل شيء في السموات والأرض، المتصرف فيه بقدرته ومشيئته .
"وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون. وهو الذي يمنع من يشاء من عباده، ولا يقدر أحد أن يمنع السوء والضر عن أحد إذا شاء الله به ذلك،
"إن كنتم تعلمون عظمة الله، وأنه قادر على كل شيء، وبيده ملكوت كل شيء
✏️{سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ
[٨٩] سيقول المشركون: ذلك كله لله؛ فالمالك لكل شيء الذي يجير ولا يجار عليه هو الله،، فقل لهم فكيف يخيل إليكم الباطل حقا،
"فتخدعون وتصرفون عن اتباع الحق، وذهبت عقولهم ؛ولم يوحدوا الله سبحانه في عبادته، ولم يؤمنوا بقدرته على البعث بعد الموت ، والاحياء بعد الإماته .
✏️{بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [٩٠] بل أتيناهم بالحق ، وهو التوحيد
وهؤلاء المشركين لكاذبون في دعواهم الشريك والولد لله سبحانه،وتكذيبهم البعث .
✏️{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ ۚ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ [٩١]
لما أثبت لنفسه الإلهية بالدلائل الإلزامية في الآيات السابقه
، نفى عن نفسه الأنداد والأضداد
فقال :- ما اتخذ الله من ولد.: ما اتخذ الله لنفسه -تعالى- ولدا كما يزعم النصارى ومشركو العرب وغيرهم .
"وما كان معه من إله.: ولم يكن مع الله شريك يستحق أن يعبد معه .
"إذا لذهب كل إله بما خلق.: لو كان مع الله آلهة أخرى، لاعتزل كل إله بما يخلق وانفرد بتدبيره؛ فلا تنتظم شؤون الكون .
كما قال تعالى<لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ>
"ولعلا بعضهم على بعض.:-ولطلب كل إله أن يعلو على غيره من الآلهة ويقهره، فيغلب القوي منهم الضعيف، ومع هذا التمانع والتصارع بين الآلهة لا يمكن وجود العالم، ولا يمكن أن ينتظم هذا الانتظام العجيب المتسق .
"سبحان الله عما يصفون.:-لما طابق الدليل الإلزام على نفي الشريك؛ نزه نفسه الشريفة سبحان الله عما يصفون.:-تنزه الله عما يصفه المشركون من اتخاذ الولد، ووجود الشريك .
✏️{عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ [٩٢] عالم ما غاب عن خلقه وعالم ما يرونه ويشاهدونه؛ فلا يخفى عليه السر ولا العلانية .
"فتعالى عما يشركون.:-فارتفع الله وتنزه عن شرك المشركين،
♨️الفوائد التربوية ♨️
لما قال الله عز وجل : (قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ
(أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)
🔸معناه الترغيب في التدبر؛ ليعلموا بطلان ما هم عليه .
"الإنسان اذا تدبر كثيرًا زاد يقينه وإيمانه بالله
"في هذه الآيات دلالة على جواز محاجة الكفار والمبطلين، وإقامة الحجة عليهم،
🔹[مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ ۚ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ ]
هذه الآيات فيها : تنزه الله تعالى عن اتخاذ الولد والشريك في الألوهية، وهذا النفي لكمال غناه، وكمال ربوبيته وإلهيته،
" ونستفيد منهما من الناحية المسلكية: أن الإيمان بذلك يحمل الإنسان على الإخلاص لله عز وجل .
إذا آمنتِ أن الله ما له ولد ولا شريك ولا ند فمن تخشين في هذا العالم
من تريدين ذم من ❓ومدح من❓وذكر من ❓
إذا كان الله سبحانه وتعالى يذكرك في الملأ الأعلى يرى صبرك وتحملك ،، ومجاهدتك في العبادة لله سبحانه وتعالى يدلك على الإخلاص لله تعالى
🔸[مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ ۚ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ]
قدمت النتيجة على القياس؛ لتجعل هي المطلوب؛ فإن النتيجة والمطلوب متحدان في المعنى، مختلفان بالاعتبار؛
"هذ المطلوب، واضح لايفتقر الى دليل إلاّ لزيادة الإيمان ،، مااتخذ الله ولد وماكان معه آله هذا المطلوب -
" إذا لذهب كل إله بما خلق :هو الدليل، وتقديم هذا المطلوب على الدليل أغنى عن التصريح بالنتيجة عقب الدليل .
♨️من الفوائد اللغوية ♨️
لما قال الله تعالى [قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ]
. والاستفهام في قوله: أفلا تذكرون إنكاري؛ إنكار لعدم تذكرهم بذلك. وخص بالتذكر؛ لما في بعضه من خفاء الدلالة، والاحتياج إلى النظر وطول تأمل .
🔸[قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ]
وقعت في سياق التعداد؛ فناسب أن يعاد الأمر بالقول دون الاستغناء بحرف العطف. والمقصود وقوع هذه الأسئلة متتابعة؛ دفعا لهم بالحجة .
🔹ولم يؤت مع هذا الاستفهام بشرط
(إن كنتم تعلمون) ونحوه، كما جاء في سابقه؛ لأن انفراد الله تعالى بالربوبية في السموات والعرش لا يشك فيه المشركون؛ لم يزعموا إلهية أصنامهم في السموات والعوالم العلوية
🔸ورب العرش العظيم )أعيد الرب؛ تنويها لشأن العرش،
🔹سيقولون لله قل أفلا تتقون -
مقتضى الاستعمال أن يكون الجواب بذكر اسم ذات المسؤول عنه؛ (سيقولون الله)، فكان العدول هنا - لله: عدولا إلى جانب المعنى دون اللفظ؛ مراعاة لكون المستفهم عنه لوحظ بوصف الربوبية، والربوبية تقتضي الملك.
🔸 قل أفلا تتقون - الاستفهام هنا الإنكاري أراد به النوبيخ وخص وعظهم عقب جوابهم بالحث على تقوى الله؛ لأنه لما تبين من الآية التي قبلها أنهم لا يسعهم إلا الاعتراف بأن الله مالك الأرض ومن فيها، وعقبت تلك الآية بحضهم على التذكر؛ ليظهر لهم أنهم عباد الله لا عباد الأصنام. وتبين من الآية السابقة أنه رب السموات -وهي أعظم من الأرض- وأنهم لا يسعهم إلا الاعتراف بذلك؛ ناسب حثهم على تقواه؛ لأنه يستحق الطاعة له وحده،
🔹لما قال الله تعالى [سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ] - الاستفهام في قوله: فأنى تسحرون تعجبي .،، تشبيه لما يقع منهم من التخليط ووضع الأفعال والأقوال غير مواضعها بما يقع من المسحور
"أفلا تذكرون أفلا تتقون فأنى تسحرون- ترق من الأدنى إلى الأغلظ في التعريض، وأنها من الأمور المسلمة؛ لقوله: سيقولون لله
🔸سلكت في ترتيب هذه الأدلة طريقة الترقي، فابتدئ بالسؤال عن مالك الأرض ومن فيها؛ لأنها أقرب العوالم لإدراك المخاطبين،
🔹ثم ارتقي إلى الاستدلال بربوبية السموات والعرش، ثم ارتقي إلى ما هو أعم وأشمل، وهو تصرفه المطلق في الأشياء كلها؛
✨ترتيب هذه الآيات ✨
سيقولون لله ثلاث مرات⬇️
〰️قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ
〰️قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ
〰️ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ
"الأول جواب لقوله: قل لمن الأرض ومن فيها جواب مطابق لفظا ومعنى؛ لأنه قال في السؤال: قل لمن، فقال في الجواب: لله،
" وأما الثاني والثالث فالمطابقة فيهما في المعنى. وقرئ الثاني والثالث (الله، الله) ؛ مراعاة للمطابقة .
🩸لاحظي تربية المهابة في النفوس 🩸
" قوله تعالى :- قل فأنى تسحرون مناسبة حسنة؛ حيث ختم كل سؤال بما يناسبه؛ فرتب هذه التوبيخات الثلاثة بالتدريج؛
"فقال أولا: أفلا تذكرون،
"ثم قال ثانيا: أفلا تتقون، وذلك أبلغ؛ لأن فيه زيادة تخويف،
"ثم قال ثالثا: فأنى تسحرون، وفيه من التوبيخ ما ليس في غيره؛ فختم ملك الأرض ومن فيها بالتذكر:
" أفلا تذكرون فتعلمون أن من له ملك السموات والأرض حقيق ألا يشرك به بعض خلقه -ممن في الأرض ملكا له- في الربوبية.
"وختم ما بعدها بالتقوى، وهي أبلغ من التذكر، وفيها وعيد شديد، وختم ما بعد هذه بقوله: فأنى تسحرون؛ مبالغة في التوبيخ بعد إقرارهم والتزامهم ما يقع عليهم به في الاحتجاج .
✏️{قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ [٩٣]
لما ذكر الله تعالى ما كان عليه الكفار من ادعاء الولد والشريك له، وكان تعالى قد أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم أنه ينتقم منهم، ولم يبين إذ ذاك هل يقع ذلك في حياته أم بعد موته: أمره بأن يدعو بهذا الدعاء .
"قل رب إما تريني ما يوعدون
قل --: يا رب، إن أريتني ما وعدت هؤلاء المشركين المكذبين من نزول العذاب بهم .
✏️{رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [٩٤] رب، فنجني حينذاك، ولا تجعلني فيهم .
✏️{وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ
[٩٥]
وإنا -يا محمد- على أن نريك ما نعد المشركين من العذاب لقادرون، وإنما نؤخره لحكمة؛ فلا يحزنك تكذيبهم .
✏️{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ [٩٦]
لما أنبأ الله رسوله عليه الصلاة والسلام بما يلمح له بأنه منجز وعيده من الذين كذبوه، أعقب ذلك بأن أمره بأن يدفع مكذبيه بالتي هي أحسن، وألا يضيق بتكذيبهم صدره، فذلك دفع السيئة بالحسنة كما هو أدب الإسلام .
" ادفع -يا محمد- أذى هؤلاء القوم بالخصلة التي هي أحسن الخصال؛ بأن تحسن إليهم، وتصفح عنهم، وتصبر على أذاهم .
"نحن أعلم بما يصفون.:-نحن أعلم بما اتهموك ، وبما وسوسوا ، وبما زينوا هذه الأباطيل المختلقة؛
✏️{وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ [٩٧]
وقل -يا محمد-: يا رب، أعتصم بك من وساوس الشياطين، ونزغاتهم .
📌وقال سبحانه<وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ* وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ >
✏️{وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ [٩٨] وأعتصم بك -يا رب- أن يحضر الشياطين شيئا من أموري، فيصيبوني بشر وأذى .
📕 كان،النبي صلى الله عليه وسلم يدعو: ((اللهم إني أعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت)) .
✏️{حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ [٩٩] لما كان أضر أوقات حضور الشياطين ساعة الموت، وحالة الفوت، فإنه وقت كشف الغطاء،
"ذكّر الله ؛ تنبيها على بذل الجهد في الدعاء، والتضرع للعصمة فيه،
"حتى إذا حضرت الوفاة أحد المفرطين الظالمين، فانكشف له الغطاء، وظهر له الحق،؛ قال نادما: يا رب، ارجعوني إلى الدنيا .
✏️{لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ [١٠٠] لأعمل عملا صالحا أستدرك به ما ضيعته وفرطت فيه من الإيمان وما يتبعه من الطاعات .
"كلا.: ليس الأمر كما قال هذا الظالم لنفسه؛
"إنها كلمة هو قائلها. : إن طلبه الرجوع إلى الدنيا مجرد كلام يقوله الظالم حين تحضره الوفاة .
"ومن أمام هؤلاء الموتى حاجز بين الدنيا والآخرة يحجزهم عن الرجوع إلى الدنيا، من وقت موتهم إلى يوم القيامة الذي يبعث الله فيه الناس أحياء من قبورهم .
♨️الفوائد التربوية♨️
لما قال الله سبحانه وتعالى_
[ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ ]
والتخلق بهذه الآية هو: أن المؤمن الكامل ينبغي أن يفوض أمر المعتدين عليه إلى الله؛ فهو يتولى الانتصار لمن توكل عليه، وأنه إن قابل السيئة بالحسنة، كان انتصار الله أشفى لصدره،
🔸 وهذه الآية: مسلك الكرام الدفع بغير عوض ولا نسلك مسلك المبايعة.:
"سلّم عليّ أسلم عليه "
"أهداني أهديه أدفع بالسيئة الحسنة
🌹سلم على من لم يسلم عليك 🌹
"لعلي أعمل صالحا فيما تركت
📕 ، قال قتادة: (طلب الرجوع ليعمل صالحا، لا ليجمع الدنيا، ويقضي الشهوات؛ فرحم الله امرأ عمل فيما يتمناه الكافر إذا رأى العذاب) .
✨نسأل الله أن يوفقنا لعمل لما يحبه ويرضاه 🍃
ختام السورة الكريمة اللقاء القادم بإذن الله 💐
اللهم صلّ وسلّم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم
الدين 🍃
سبحانك اللهم وبحمدك،
أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك 🍃
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق