✍🏻 المجلس التدبّري لختام سورة الزمر
بتاريخ الاربعاء ١١-٣-١٤٤٢ هجري
📣 في وسط هذه الحياة المليئة بالمغريات والفتن والتحديات نحتاج دائمًا إلى كلمات تدفعنا إلى الإنابة إلى الله كما قال تعالى <وَأَنِيبُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَأَسۡلِمُواْ لَهُۥ>
📌 فكيف تكون الإنابة إلى الله لابد علينا أن نلزم أنفسنا وقلوبنا،، لأن الفتن تتجاذبك من جميع الأطراف ، لابّد أن الأنسان يلزم نفسه بورد يحفظه،، وبمجالس ذكر تذكّره بالله عزوجل وكل مايذكّرك بالله تبارك وتعالى ألزميه .
" الحمدلله تيسرت لنا سبل مجالس الذكر ،،
إذاعة القرآن فيها من الدروس وايات الله تتلى آناء الليل وأطراف النهار ،
🍃لكن نسأل الله أن يفتح مغاليق قلوبنا 🍃
كذلك أكرم مايكون العبد عند الله عندما يكون أعظم عبادة وخضوع لله تبارك وتعالى
📍 آيات الختام كلها تتحدث عن الإنابة لله، والخضوع لله عز وجل ، الافتقار لله إذا كنا نشكي قسوة قلوبنا نرجع إلى كتاب الله ونتدبّر آياته ،
📕 قال ابن تيميمة :- كمال المخلوق في تحقيق عبوديته لله سبحانه وتعالى ، وكل مازداد العبد تحقيقًا للعبودية أزداد كماله وعلت درجته
🍃نسأل الله أن نكون ووالدينا ومن نحب ممن رضي الله عنهم في الدنيا والاخرة
" البعض يتسأل مالأسباب التي تجعلنا نزداد خشوعًا وإيمانًا ،، ؟
مالأسباب التي تجعلنا ننيب إلى الله في كل وقت
💢 أسرع هذه الطرق هو تدبّر كلام الله عزوجل لأن في تدبّر القرآن وتعقّل معانيه، يجعل القلب أكثر رقة وأكثر أنابة ، فلا شي أعظم من هذا القرآن العظيم ،،
" نسأل الله أن يوصلنا إلى هذه المرتبه وإلى هذه الدرجات العالية .
"تفسير الايات من ( ٤٧ ) إلى آخر السورة "
﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾
✏️{وَبَدَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مَا لَمۡ يَكُونُواْ يَحۡتَسِبُونَ [ ٤٧ ]
جاء أن أبو حازم جزع عند الموت فقيل له لما تجزع قال أخشى آية من كتاب الله،
(وَبَدَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مَا لَمۡ يَكُونُواْ يَحۡتَسِبُونَ )
فأنا أخشى أن يبدوا لي من الله مالم أكن احتسب
📌 بعد ذلك جاءت الايات التي بعدها دعوة للمؤمنين للإنابة والتوبة قبل فوات الأوان
هذه الآيات تدعو العباد إلى الإنابة إلى الله ، والرجوع إليه قبل أن يداهمهم الموت بغتة من حيث لايشعرون .
✏️ ﴿وَبَدا لَهُم سَيِّئَاتُ ما كَسَبوا وَحاقَ بِهِم ما كانوا بِهِ يَستَهزِئونَ﴾ [: ٤٨]
﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا﴾ أي: الأمور التي تسوؤهم، بسبب صنيعهم وكسبهم. ﴿وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ من الوعيد والعذاب الذي نزل بهم، وما حل عليهم العقاب.
✏️[فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ]( ٤٩ )
الفتنة : في إزالة الضر عنه، وحصول الخير والنعمة..
فكم من إنسان كان مستقيماً وبالنعمة ينحرف ، وفي الحديث أن الله تعالى قال: ( إن من عبادي من لو أغنيته لأفسده الغنى وإن منهم من لو أفقرته لأفسده الفقر)
فالله بكل شيء عليم ( ولكن أكثرهم لا يعلمون )
أكثر الناس غافلون عن كون الله يبتليهم بالنعم ويقولون أن النعم دليل الرضى .
ويقولون لو أن الله غاضب علينا لما أعطانا ولكن قد يكون هذا من الاستدراج ..
✏️﴿قَد قالَهَا الَّذينَ مِن قَبلِهِم فَما أَغنى عَنهُم ما كانوا يَكسِبونَ﴾ [: ٥٠]
قال تعالى: ﴿قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ أي: قولهم ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ فما زالت متوارثة عند المكذبين، لا يقرون بنعمة ربهم، ولا يرون له حقا،.فلم يزل دأبهم حتى أهلكوا، ولم يغن ﴿عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ حين جاءهم العذاب.
✏️﴿فَأَصابَهُم سَيِّئَاتُ ما كَسَبوا وَالَّذينَ ظَلَموا مِن هؤُلاءِ سَيُصيبُهُم سَيِّئَاتُ ما كَسَبوا وَما هُم بِمُعجِزينَ﴾ [الزمر: ٥١]
﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا﴾ والسيئات في هذا الموضع: العقوبات، لأنها تسوء الإنسان وتحزنه. ﴿وَالَّذِينَ ظَلَمُوا من هؤلاء سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا﴾ فليسوا خيرا من أولئك، ولم يكتب لهم براءة في الزبر.
✏️﴿أَوَلَم يَعلَموا أَنَّ اللَّهَ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشاءُ وَيَقدِرُ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يُؤمِنونَ﴾ [: ٥٢]
ولما ذكر أنهم اغتروا بالمال، وزعموا - بجهلهم - أنه يدل على حسن حال صاحبه، أخبرهم تعالى، أن رزقه، لا يدل على ذلك، وأنه ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ من عباده، سواء كان صالحا أو طالحا ﴿وَيَقْدِرُ﴾ الرزق، أي: يضيقه على من يشاء، صالحا أو طالحا، فرزقه مشترك بين البرية،.والإيمان والعمل الصالح يخص به خير البرية. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أي: بسط الرزق وقبضه، لعلمهم أن مرجع ذلك، عائد إلى الحكمة والرحمة، وأنه أعلم بحال عبيده، فقد يضيق عليهم الرزق لطفا بهم، لأنه لو بسطه لبغوا في الأرض، فيكون تعالى مراعيا في ذلكصلاح دينهم الذي هو مادة سعادتهم وفلاحهم، واللّه أعلم.
✏️[ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ] ( ٥٣ )
إنها الرحمة الواسعة التي تسع كل معصية كائنة ماكانت، إنها الدعوة للأوبة ، دعوة العصاة المسرفين الشاردين في تيه الضلال..
يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبلغ العباد أن ربهم يناديهم بـ ياعبادي ..
ربكم ينسبكم إليه فهذا أشرف الشرف وأعظم الفخر..
✏️﴿وَأَنيبوا إِلى رَبِّكُم وَأَسلِموا لَهُ مِن قَبلِ أَن يَأتِيَكُمُ العَذابُ ثُمَّ لا تُنصَرونَ﴾ [: ٥٤]
ولهذا أمر تعالى بالإنابة إليه، والمبادرة إليها فقال: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ﴾ بقلوبكم ﴿وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾ بجوارحكم، إذا أفردت الإنابة، دخلت فيها أعمالالجوارح، وإذا جمع بينهما، كما في هذا الموضع، كان المعنى ما ذكرنا.
وفي قوله ﴿إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾ دليل على الإخلاص، وأنه من دون إخلاص، لا تفيد الأعمال الظاهرة والباطنة شيئا. ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُالْعَذَابُ﴾ مجيئا لا يدفع ﴿ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ فكأنه قيل: ما هي الإنابة والإسلام؟ وما جزئياتها وأعمالها؟
✏️﴿وَاتَّبِعوا أَحسَنَ ما أُنزِلَ إِلَيكُم مِن رَبِّكُم مِن قَبلِ أَن يَأتِيَكُمُ العَذابُ بَغتَةً وَأَنتُم لا تَشعُرونَ﴾ [ ٥٥]
فأجاب تعالى بقوله: ﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ مما أمركم من الأعمال الباطنة، كمحبة اللّه،
وخشيته، وخوفه، ورجائه، والنصح لعباده، ومحبة الخير لهم، وترك ما يضاد ذلك.
ومن الأعمال الظاهرة، كالصلاة، والزكاة والصيام، والحج، والصدقة، وأنواع الإحسان، ونحو ذلك، مما أمر اللّه به، وهو أحسن ما أنزل إلينامن ربنا، فالمتبع لأوامر ربه في هذه الأمور ونحوها هو المنيب المسلم،. ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ وكل هذا حثٌّ علىالمبادرة وانتهاز الفرصة.
✏️﴿أَن تَقولَ نَفسٌ يا حَسرَتا عَلى ما فَرَّطتُ في جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السّاخِرينَ﴾ [ ٥٦]
ثم حذرهم ﴿أَن﴾ يستمروا على غفلتهم، حتى يأتيهم يوم يندمون فيه، ولا تنفع الندامة.و ﴿تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ﴾أي: في جانب حقه. ﴿وَإِنْ كُنْت﴾ في الدنيا ﴿لَمِنَ السَّاخِرِينَ﴾ في إتيان الجزاء، حتى رأيته عيانا.
✏️﴿أَو تَقولَ لَو أَنَّ اللَّهَ هَداني لَكُنتُ مِنَ المُتَّقينَ﴾ [٥٧]
﴿أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ و"لو" في هذا الموضع للتمني،.أي: ليت أن اللّه هداني فأكون متقيا له، فأسلم من العقابوأستحق الثواب، وليست "لو" هنا شرطية، لأنها لو كانت شرطية، لكانوا محتجين بالقضاء والقدر على ضلالهم، وهو حجة باطلة، ويوم القيامةتضمحل كل حجة باطلة.
✏️﴿أَو تَقولَ حينَ تَرَى العَذابَ لَو أَنَّ لي كَرَّةً فَأَكونَ مِنَ المُحسِنينَ﴾ [ ٥٨]
﴿أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ﴾ وتجزم بوروده ﴿لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً﴾ أي: رجعة إلى الدنيا لكنت ﴿مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ قال تعالى: إن ذلك غير ممكن ولا مفيد،وإن هذه أماني باطلة لا حقيقة لها، إذ لا يتجدد للعبد لَوْ رُدَّ، بيان بعد البيان الأول.
✏️﴿بَلى قَد جاءَتكَ آياتي فَكَذَّبتَ بِها وَاستَكبَرتَ وَكُنتَ مِنَ الكافِرينَ﴾ [ ٥٩]
﴿بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي﴾ الدالة دلالة لا يمترى فيها. على الحق ﴿فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ﴾ عن اتباعها ﴿وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ فسؤال الرد إلى الدنيا،نوع عبث، ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾
-
✏️﴿وَيَومَ القِيامَةِ تَرَى الَّذينَ كَذَبوا عَلَى اللَّهِ وُجوهُهُم مُسوَدَّةٌ أَلَيسَ في جَهَنَّمَ مَثوًى لِلمُتَكَبِّرينَ﴾ [ ٦٠]
يخبر تعالى عن خزي الذين كذبوا عليه، وأن وجوههم يوم القيامة مسودة كأنها الليل البهيم، يعرفهم بذلك أهل الموقف، فالحق أبلج واضح كأنهالصبح،.فكما سوَّدوا وجه الحق بالكذب، سود اللّه وجوههم، جزاء من جنس عملهم.
فلهم سواد الوجوه، ولهم العذاب الشديد في جهنم، ولهذا قال: ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ﴾ عن الحق، وعن عبادة ربهم، المفترين عليه؟بلى واللّه، إن فيها لعقوبة وخزيا وسخطا، يبلغ من المتكبرين كل مبلغ، ويؤخذ الحق منهم بها.
والكذب على اللّه يشمل الكذب عليه باتخاذ الشريك والولد والصاحبة، والإخبار عنه بما لا يليق بجلاله، أو ادعاء النبوة، أو القول في شرعه بمالم يقله، والإخبار بأنه قاله وشرعه.
✏️﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذينَ اتَّقَوا بِمَفازَتِهِم لا يَمَسُّهُمُ السّوءُ وَلا هُم يَحزَنونَ﴾ [٦١]
ولما ذكر حالة المتكبرين، ذكر حالة المتقين، فقال: ﴿وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ﴾ أي: بنجاتهم، وذلك لأن معهم آلة النجاة، وهي تقوى اللّهتعالى، التي هي العدة عند كل هول وشدة. ﴿لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ﴾ أي: العذاب الذي يسوؤهم ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ فنفى عنهم مباشرة العذاب وخوفه،وهذا غاية الأمان.
فلهم الأمن التام، يصحبهم حتى يوصلهم إلى دار السلام، فحينئذ يأمنون من كل سوء ومكروه، وتجري عليهم نضرة النعيم، ويقولون ﴿الْحَمْدُلِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾
[ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ]
التقوى سبب النجاة من عذاب الله..
✏️﴿اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ وَكيلٌ﴾ [ ٦٢]
يخبر تعالى عن عظمته وكماله، الموجب لخسران من كفر به فقال: ﴿اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ هذه العبارة وما أشبهها، مما هو كثير في القرآن، تدلعلى أن جميع الأشياء - غير اللّه - مخلوقة، ففيها رد على كل من قال بقدم بعض المخلوقات، كالفلاسفة القائلين بقدم الأرض والسماوات،وكالقائلين بقدم الأرواح، ونحو ذلك من أقوال أهل الباطل، المتضمنة تعطيل الخالق عن خلقه.
وليس كلام اللّه من الأشياء المخلوقة، لأن الكلام صفة المتكلم، واللّه تعالى بأسمائه وصفاته أول ليس قبله شيء، فأخذ أهل الاعتزال من هذهالآية ونحوها أنه مخلوق، من أعظم الجهل، فإنه تعالى لم يزل بأسمائه وصفاته، ولم يحدث له صفة من صفاته، ولم يكن معطلا عنها بوقت منالأوقات، والشاهد من هذا، أن اللّه تعالى أخبر عن نفسه الكريمة أنه خالق لجميع العالم العلوي والسفلي، وأنه على كل شيء وكيل، والوكالةالتامة لا بد فيها من علم الوكيل، بما كان وكيلا عليه، وإحاطته بتفاصيله، ومن قدرة تامة على ما هو وكيل عليه، ليتمكن من التصرف فيه، ومنحفظ لما هو وكيل عليه، ومن حكمة، ومعرفة بوجوه التصرفات، ليصرفها ويدبرها على ما هو الأليق، فلا تتم الوكالة إلا بذلك كله، فما نقص منذلك، فهو نقص فيها.
ومن المعلوم المتقرر، أن اللّه تعالى منزه عن كل نقص في صفة من صفاته،.فإخباره بأنه على كل شيء وكيل، يدل على إحاطة علمه بجميعالأشياء، وكمال قدرته على تدبيرها، وكمال تدبيره، وكمال حكمته التي يضع بها الأشياء مواضعها.
✏️﴿لَهُ مَقاليدُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَالَّذينَ كَفَروا بِآياتِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الخاسِرونَ﴾ [٦٣]
﴿لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أي: مفاتيحها، علما وتدبيرا، فـ ﴿مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِوَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ فلما بين من عظمته ما يقتضي أن تمتلئ القلوب له إجلالا وإكراما، ذكر حال من عكس القضية فلم يقدره حق قدره،فقال: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ﴾ الدالة على الحق اليقين والصراط المستقيم. ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ خسروا ما به تصلح القلوب من التألهوالإخلاص للّه،. وما به تصلح الألسن من إشغالها بذكر اللّه، وما تصلح به الجوارح من طاعة اللّه،.وتعوضوا عن ذلك كل مفسد للقلوب والأبدان،وخسروا جنات النعيم، وتعوضوا عنها بالعذاب الأليم.
✏️﴿قُل أَفَغَيرَ اللَّهِ تَأمُرونّي أَعبُدُ أَيُّهَا الجاهِلونَ﴾ [ ٦٤]
﴿قُلْ﴾ يا أيها الرسول لهؤلاء الجاهلين، الذين دعوك إلى عبادة غير اللّه: ﴿أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ﴾ أي: هذا الأمر صدر منجهلكم، وإلا فلو كان لكم علم بأن اللّه تعالى الكامل من جميع الوجوه، مسدي جميع النعم، هو المستحق للعبادة، دون من كان ناقصا من كلوجه، لا ينفع ولا يضر، لم تأمروني بذلك.
-
✏️﴿وَلَقَد أوحِيَ إِلَيكَ وَإِلَى الَّذينَ مِن قَبلِكَ لَئِن أَشرَكتَ لَيَحبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ﴾ [ ٦٥]
وذلك لأن الشرك باللّه محبط للأعمال، مفسد للأحوال، ولهذا قال: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ من جميع الأنبياء. ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَلَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ هذا مفرد مضاف، يعم كل عمل،.ففي نبوة جميع الأنبياء، أن الشرك محبط لجميع الأعمال، كما قال تعالى في سورة الأنعام - لما عدد كثيرا من أنبيائه ورسله قال عنهم: ﴿ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
﴿وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ دينك وآخرتك، فبالشرك تحبط الأعمال، ويستحق العقاب والنكال.
✏️﴿بَلِ اللَّهَ فَاعبُد وَكُن مِنَ الشّاكِرينَ﴾ [ ٦٦]
ثم قال: ﴿بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ﴾ لما أخبر أن الجاهلين يأمرونه بالشرك، وأخبر عن شناعته، أمره بالإخلاص فقال: ﴿بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ﴾ أي: أخلص له العبادةوحده لا شريك له، ﴿وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ للّه على توفيق اللّه تعالى،.فكما أنه تعالى يشكر على النعم الدنيوية، كصحة الجسم وعافيته، وحصولالرزق وغير ذلك،.كذلك يشكر ويثنى عليه بالنعم الدينية، كالتوفيق للإخلاص، والتقوى، بل نعم الدين، هي النعم على الحقيقة، وفي تدبر أنهامن اللّه تعالى والشكر للّه عليها،
سلامة من آفة العجب التي تعرض لكثير من العاملين، بسبب جهلهم، وإلا، فلو عرف العبد حقيقة الحال، لم يعجب بنعمة تستحق عليه زيادةالشكر.
✏️﴿وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدرِهِ وَالأَرضُ جَميعًا قَبضَتُهُ يَومَ القِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطوِيّاتٌ بِيَمينِهِ سُبحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشرِكونَ﴾ [ ٦٧]
يقول تعالى: وما قدر هؤلاء المشركون ربهم حق قدره، ولا عظموه حق تعظيمه، بل فعلوا ما يناقض ذلك، من إشراكهم به من هو ناقص فيأوصافه وأفعاله، فأوصافه ناقصة من كل وجه، وأفعاله ليس عنده نفع ولا ضر، ولا عطاء ولا منع، ولا يملك من الأمر شيئا.
فسووا هذا المخلوق الناقص بالخالق الرب العظيم، الذي من عظمته الباهرة، وقدرته القاهرة، أن جميع الأرض يوم القيامة قبضة للرحمن، وأنالسماوات - على سعتها وعظمها - مطويات بيمينه، فلا عظمه حق عظمته من سوَّى به غيره، ولا أظلم منه.
﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ أي: تنزه وتعاظم عن شركهم به.
✏️{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ [٦٨]
نفخ النفخ معروف, والنافخ إسرافيل, وأبهمه للتعظيم, لأن الإبهام يأتي للتعظيم كما في قوله تعالى: ((فَغَشِيَهُم مِّنَ ٱلْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ))
فإن هذا يدل على عظم ما غشيهم, النفخ لا شك أنه أمر عظيم, ولهذا لم يبين من النافخ, كل ما في القرآن من النفخ في الصور يأتي بصيغةاسم المفعول (( ويوم ينفخ )) (( ونفخ في الصور )).
وقوله : (( فصعق )) قال : " مات (( من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ))
يقول : (( إلا من شاء الله )) ألا يصعق فإنه لا يصعق, وقد اختلف العلماء من هذا المستثنى ؟ فذهب المؤلف وجماعة إلى أن المستثنى الحوروالولدان وهم في الجنة, وقيل : الحور والولدان والملائكة, ولا يمنع منه كلام المؤلف لقوله : " وغيرهما " وقيل : الله أعلم.
[ابن عثيمين -رحمه الله]
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أيضا :
أن الصعق شامل لكل من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله, وهم أقل ممن يصعق, لأن الغالب أن الاستثناء يكون أقل منالمستثنى منه .
ومن فوائد الآية الكريمة :
إثبات المشيئة لله عز وجل, وهي كثيرة في كتاب الله سبحانه وتعالى, ولم ينكرها أحد من الناس إلا فيما يتعلق بأفعال العباد, حيث أنكرهاالقدرية .
💢-*ومن فوائد الآية الكريمة -*💢
أنه ينفخ في الصور مرتين لقوله : (( ثم نفخ فيه أخرى )) .
" : أن النفخ في الآخرة أو الأخرى يكون بها البعث لقوله : (( فإذا هم قيام ينظرون )) .
📍 أن القيام من القبور يلي النفخ في الصور مباشرة, نأخذها من إذا الفجائية .
" : أنهم أي الذين يقومون, يقومون وكأن لهم زمنا طويلا في القيام بدليل أنه أتى في ذلك بالصيغة الاسمية .
": تمام قدرة الله جل وعلا حيث إن الخلائق كلها تقوم مرة واحدة بهذه النفخة, وقد قال الله تعالى : ((فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ *فَإِذَا هُمبِالسَّاهِرَةِ ))
أي على سطح الأرض وظهر الأرض.
ثم قال تعالى :
✏️{وَأَشۡرَقَتِ ٱلۡأَرۡضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ وَجِاْيٓءَ بِٱلنَّبِيِّۧنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ [ ٦٩ ]
بنور الله الذي هو نوره وليس بنور مخلوق, فإضافة النور إلى الرب عز وجل من باب إضافة الصفة إلى موصوفها, أي أن الله جل وعلا ينيرالأرض بنوره " (( بنور ربها )) حين يتجلى لفصل القضاء " حين يتجلى أي يظهر لفصل القضاء ويأتي عز وجل للقضاء بين العباد,
📍 وقد ورد أن الله سبحانه وتعالى ينزل ملائكة في السماء الدنيا حتى تحيط بالخلق, ثم تنزل ملائكة السماء الثانية حتى تحيط بأهلالسماء الدنيا, لأن أهل السماء الثانية أكثر من أهل السماء الدنيا, إذ أن السماء الثانية أوسع من السماء الدنيا فيكون سكانها أكثر, ثم ينزلأهل السماء الثالثة فيحيطون بمن قبلهم, وهم أكثر من أهل السماء الثانية وهلم جرا إلى السماء السابعة,
قال الله تعالى : (( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا )) وقال تعالى : (( وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلًا ))
" نزل أي نزلوا شيئا فشيئا أهل السماء الدنيا ثم الثانية ثم الثالثة إلى السابعة, وتشقق السماء بالغمام .
📗 قال أهل العلم : أن هذا الغمام هو الذي يأتي بين يدي إتيان الله عز وجل. غمام عظيم لا نعلم قدره ولا نعلم كيفيته. ولهذا قال : (( تشققالسماء )) ولم يقل : تنشق, بل تشقق كأنه شيء ينبعث منها شيئا فشيئا, وسيكون هذا عظيما, وذلك بين يدي مجيء الرب جل وعلا, ثم ينزلسبحانه وتعالى للقضاء بين العباد,
"وحينئذ تشرق الأرض بنور ربها, ولا نستطيع الآن أن نتصور كيف هذا الإشراق وكيف هذا النور وكيف هذا الغمام, هو أمر لا تدركه عقولناالآن.
" ثم يقول : " (( ووضع الكتاب ))
كتاب الأعمال للحساب " ووضع أي وضع بين أيدي الناس, قال الله تعالى: (( وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا ))
🔸-*وقفة هااامة -*🔹
هذا الكتاب كتب فيه أعمال العباد, من خير أو شر, إلا ما انمحى بالمغفرة أو بالتوبة فإنه لا يدرك الكتاب, فالصغائر مثلا تكتب, فإذا صلىالإنسان فإن الصلوات الخمس يمحوا الله بهن الخطايا, وربما يتوب الإنسان من سيئات أخرى فهذه أيضا لا تدرك الكتاب, لا يوجد فيالكتاب إلا ما واجه الإنسان به ربه, وكان ختم عليه في حياته.
ثم قال الله تبارك وتعالى ✏️{وَوُفِّيَتۡ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِمَا يَفۡعَلُونَ [٧٠ ]
وفيت: أي أعطيت وفاء, كما تقول : وفيته حقه أي أعطيته إياه وفاء
(( ووفيت كل نفس بما عملت وهو أعلم بما يفعلون )) هو الضمير يعود على الله عز وجل, يعني كأن قائلا يقول : كيف يعلم ما عملت النفسوقد مضت دهور ودهور ؟ وفي العمل الدقيق والجليل ؟ فقال : (( وهو )) أي الله (( أعلم بما يفعلون )) يعني لا يخفى عليه شيء, وهو سبحانهوتعالى لا يضل ولا ينسى, فلا يمكن أن يفوت شيء من عمل الإنسان.
✏️[وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْوَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ] ( ٧١ )
" فهم أبعد الناس عن رحمة الله, وقال لهم حزنتها موبخين ومقررين: ألم يأتكم رسل منكم,
يعني لا من غيركم, لو أرسل الله إلى البشر ملائكة لكانوا ينفرون .
(( قُل لَّوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ )) لما قالوا : أين الملائكة ؟ قال الله تعالى : (( قُل لَّوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَمُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَّسُولًا )) لكن ليس من الحكمة أن ينزل للبشر ملك (( وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا )) لو أنزل الله ملك, لو فرض أنالله يرسل للبشر ملكا (( لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلًا )) أي على صورة الرجل, حتى لا ينفروا منه.
📌 وهنا يقول : (( يأتكم رسل منكم )) وهذا أبلغ من أنفسكم (( منكم )) فمحمد عليه الصلاة والسلام ممن ؟ من قريش من بني هاشميعرفونه ويعرفون أباه ويعرفون أجداده ويصفونه بالأمين ويثقون به, وحكموه حين اختصموا في وضع الحجر في مكانه بالكعبة, حتى حكمفيهم ذلك الحكم العدل , ولما جاءهم بالبينات قالوا : هذا الساحر هذا الكذاب هذا المجنون هذا الكاهن هذا الشاعر, سبحان الله, فهو رجلمنهم يعرفونه, لكن الاستكبار يأبى أن يقول الحق (( يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمت العذابعلى الكافرين ))
نعوذ بالله
💢ومن فوائد هذه الآية الكريمة :💢
أن أهل النار يفاجئون بها فمن حين إتيانهم تفتح ليكون ذلك أشد مباغتة وأشد حرارة والعياذ بالله فلا يمكنون من الصبر عنها طرفة عين مع أنهم يودون أنها لا تفتح ولكن الأمر على خلاف ما يودون تفتح فورا .
" أن للنار أبوابا لقوله : (( فتحت أبوابها )) .
" أن النار مظلمة بعيدة
القعر يؤخذ من اسمها في قوله : (( جهنم )) .
" كمال تنظيم الله سبحانه وتعالى للخلق حيث جعل للنار خزنة وللجنة خزنة وهنا يقول : (( وقال لهم خزنتها ألم يأتكم )) .
" أن هؤلاء الخزنة ينطقون كما ينطق البشر بخطاب مفهوم.
" اجتماع العذاب القلبي والبدني على أهل النار أما البدني فظاهر وأما القلبي فما يحصل لهم من التوبيخ والتقريع في قوله : (( ألميأتكم رسل منكم يتلون عليكم )) وأنتم تعلمون أن من الناس من يحب أن يوسع جلده ضربا ولا يوبخ بكلمة واحدة فالتوبيخ ليس بالأمر الهينلاسيما في مثل هذه الحال لأنهم إذا ذكروا بهذه النعمة في حال لا يتمكنون من استدراك ما فات كان ذلك أشد حسرة والعياذ بالله .
" تمام الحجة على بني آدم بإرسال الرسل منهم لقوله : (( رسل منكم )) لأنه لو كانوا من غير الجنس لم تتم الحجة لكن إذا كانوا من الجنس بل من القبيلة تمت الحجة .
قال الله تبارك وتعالى :
✏️{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ [٧٣ ]
💢من فوائد الآية الكريمة 💢
أن التقوى سبب لدخول الجنة لقوله : (( الذين اتقوا ربهم ))
" أن أهل الجنة يدخلونها جماعات متفرقة لقوله : (( زمرا )) وهذه الجماعات يترتب تقديمها على حسب أعمالهم الصالحة .
": أن أهل الجنة إذا جاءوها لا يجدونها مفتوحة الأبواب لقوله : (( حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها )) ولكن يجدونها مغلقة حتى يشفع النبيصلى الله عليه وآله وسلم في فتح أبواب الجنة لداخليها.
": أن للجنة أبوبا, وقد ثبت في الصحيح أن أبوابها ثمانية.
ويترتب على هذه الفائدة ما ثبت من أن رحمة الله تعالى سبقت غضبه, وأن عطاءه أكبر وأعظم من منعه لأن أبواب النار سبعة وأبواب الجنةثمانية .
": إثبات أن للجنة خزنة لقوله : (( وقال لهم خزنتها )) فيتفرع على ذلك أو يتفرع على هذه الفائدة كمال تقدير الله سبحانه وتعالى للأشياء وأن كل الأشياء منظمة محفوظة مرتبة .
": إثبات أن الملائكة ينطقون ويتكلمون لقوله : (( وقال لهم خزنتها )).
"أن الجنة دار السلام السلام من كل آفة لقول الخزنة : (( سلام عليكم )).
": أن الله جمع لهم أي لأهل الجنة بين السلامة من الآفات وطيب الأحوال والأوقات لقوله: (( سلام عليكم طبتم )) فجمع لهم بين نفي الآفاتوطيب الأحوال والأوقات .
": الإذن لهم على وجه الإكرام بدخول الجنة لقوله : (( فادخلوها خالدين ))
": الفرق التام والتباين العظيم بين ما يقابل به أهل الجنة وأهل النار, أهل النار يقابلون بالتوبيخ (( ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آياتربكم ... )) إلى آخره, وأهل الجنة يقابلون بالتكريم والعناية والبشرى : (( سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين )) .
"خلود أهل الجنة فيها لقوله : (( فادخلوها خالدين )) والخلود هذا خلود أبدي سواء قلنا : إن الخلود هو المكث الدائم أو إن الخلود هو المكثزمنا طويلا, وذلك لأنه قد تكرر ذكر التأبيد لأهل الجنة في عدة آيات.
✏️{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعۡدَهُۥ وَأَوۡرَثَنَا ٱلۡأَرۡضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلۡجَنَّةِ حَيۡثُ نَشَآءُۖ فَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ [٧٤]
.
🔺-*من فوائد هذه الآية الكريمة -*🔻
الثناء على الله عز وجل بالكمال والإفضال لقوله : (( الذي صدقنا وعده )) فإن صدق الوعد كمال, ثم إن إيراثهم الجنة إفضال. فجمعوا فيهذا الحمد بين الحمد على الكمال والحمد على الإفضال. لأن الله تعالى يحمد على الأمرين جميعا على كماله وعلى إفضاله, فيكون هذاالحمد جامعاً بين الحمد والشكر .
" صدق الله وعده لقوله : (( الذي صدقنا وعده )) وقد أخبر الله تعالى في آيات متعددة أنه لا يخلف الميعاد, وذلك لكمال صدقه وكمال قدرته, فإن إخلاف الوعد إما أن يكون لكذب الواعد وإما أن يكون لعجز الواعد, وكلاهما مما ينزه الله عنه فيكون فيه كمال الصدق وكمال القدرة .
"شكر أهل الجنة على إيراثهم الأرض ونصرهم وظهورهم على الكافرين لقوله : (( وأورثنا الأرض )) .
✏️{وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [ ٧٥ ]
📍—*من فوائدها —* 📍
"إظهار عظمة الله في ذلك اليوم حيث تحف جنوده بعرشه وهذا من مظاهر العظمة وكمال السلطان أن يرى الجنود حافين بمالكهم وخالقهموسيدهم سبحانه وتعالى .
" إثبات العرش لقوله : (( من حول العرش )) .
" الثناء على الملائكة وذلك بحسن انتظامهم بحفهم من حول العرش, وهذا حسن فعلي, وبكونهم يسبحون الله بحمده وهذا حسن قولي, فيجمعون بين تعظيم الله تعالى بالفعل وتعظيمه بالقول .
" اختيار الجمع بين التسبيح والحمد لقوله : (( يسبحون بحمد ربهم )) وذلك لأن بالتسبيح زوال النقص والعيب, وبالحمد إثبات الكمال طيب .
"أن الله سبحانه وتعالى رب لهؤلاء الملائكة مع عظمهم لقوله : (( يسبحون بحمد ربهم)) وأن ربوبيته للملائكة ربوبية خاصة بدليل الإضافة .
": أن الله تعالى يقضي بعد هذا كله بين الخلق بالعدل لقوله تعالى : (( وقضي بينهم بالحق )) أي حكم بينهم.
🌸 والحمد لله رب العالمين...
تم بحمد الله تفسير سورة الزمر .. كما نسأله أن يتم نعمته وأن يغفر لنا ذنوبنا التي حالت بين كثير من بركاته..
وخطايا شهوات ذهبت بقلوبنا عن تدبر آياته، ونرجوه ألاّ يحرمنا خير ماعنده بشر ماعندنا..
"اللهم أجعلنا ممن يتلو كتابه حق تلاوته
اللهم أغفر لنا وأرحمنا وتقبل منّا وألطف بنا وأجعلنا من عبادك المتقين المحسنين.
"اللهم ياحيّ ياقيوم ، ياذا الجلال والإكرام أجعلنا ممن يساق إلى الجنة زمرا
"اللهم أجعلنا من أهل الجنة ووالدينا ، ولا تحرمنا من فضلك وتب علينا
"اللهم نسألك قلوبٌ قريبةٌ منك،، لينة متدبّرة
واكفنا شر الفتن ماظهر منها وما بطن
وأغفر لوالدينا ، واشفي مرضانا ، وتقبل مجالسنا ودعواتنا المباركة