الخميس، 7 أكتوبر 2021

مجلس تدبر سورة فاطر1️⃣

 ✍🏻المجلس التدبّري الأربعاء بتاريخ

           ٢٩٢١٤٤٣ هجري   


🌺لـ سورة  فاطر 🌺 1️⃣


              وعدد آياتها [  ٤٥  ]


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


اللهم علّمنا ماينفعنا وأنفعنا بما علّمتنا وأرزقنا علمًا ينفعنا


"أسال الله أن يتقبل مجلسنا هذا ويجعلنا ممن يقرأ القرآن فـ يرقى


📌سورة فاطر سورة مكية تتحدث عن الملائكة وتتحدث عن قدرة الله جلّ جلاله

ولا شك أنها كـ طابع السورة المكية 


            ♨️مقدمة مشوقة مؤثرة♨️


📌 يحكى أن بعض الصالحين خرج يوما يطوف بالطرق يبحثُ عن قلبه..

 

فدخل سكة من السكك فوجد صبياً يبكي قد ضربته أمه وأخرجته من الدار 

وأغلقت الباب دونه..!


أخذ الصبي يتلفتُ يمنة ًويسرةً لا يعرف أين يذهب؟ 

وأيّ طريق يسلك؟ 

ومع من يتحدث؟ 

فألصق نفسه بباب الدار ووضع خده عليه وأخذ يبكي وينادي  " أماه .. أماه .." 

حتى غلبه النوم من شدة البكاء..

 

📍 فقدت الأم صوت ابنها، ففتحت الباب تبحث عنه فإذا هو نائمٌ عند عتبة الباب!

 

حنت عليه، التزمته واحتضنته .. و ألصقته بصدرها وأخذت تمسح على وجهه وشعره


"يا بنيّ لو أطعتني ولم تخالف أمري لما فعلتُ بك ذلك، يا بُنيّ أنت الذي جعلتني أطردك وأغلق الباب في وجهك، يابُنيّ .. يابُنيّ....."

 

عندها صاح الرجل وهو ينظر لهذا المشهد وأخذ يقول ... 

الآن الآن وجدتُ قلبي...!!


▪️يا ترى أين وجده؟  

وجده في الافتقار والإنكسار والإنطراح بين يدي ربه..

 

يقول سهل بن عبدالله التستري:

ليس بين العبد وبين ربه طريقٌ أقرب من 

                       [الافتقار].


▪️مهم أن لا ندخل لسورة فاطر إلا ونحن نستشعر معنى الافتقار الذي حدثتنا عنه آياتها ..


 ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾  


سورةٌ مكية اُفتتحت بالحمد..

والحمدُ هو الثناء على الله محبةً وتعظيما.

 

▪️ موضوعها الرئيسي:  

إثبات قدرة الله ووحدانيته من خلال التأمل في الكون.. 

 

فالسورة مليئة بالحديث عن آثار قدرة الله في الكون من سماوات وبحار وجبال وخلق وكائنات.. 


ومسألة الخلق من أعظم الدلائل على وحدانية الله وقدرته، فالله خلق كل شئ الصغير والكبير والإنسان والدابة والسموات والأرض، وكل خلق يختلف عن الآخر..

 

▪️ومن عرف عظمة هذه المخلوقات عرف عظمة الله..! 


وإذا عظُم الله في قلوبنا زادت العبودية وزاد الإيمان، وزاد التسليم ،والافتقار ،والفرار، وزادت الخشية..  ووصل الإنسان إلى مرتبة الإحسان الذي هو اليقينالقلبي، المشاهدة القلبية 

           [أن تعبد الله كأنك تراه] .. 


نسأل الله أن يبلغنا ذلك🍃

لن نصل لها إلاّ إذا زادت العبودية في قلوبنا


فيعلم العبد أنه لا يعبد فراغاً أو سرابا، إنما يعبدُ رباً عظيماً قادرا مقتدرا سبحانه وبحمده..

 

▪️لذلك كانت عبودية التفكر عبودية عظيمة.. يقول الحسن رحمه الله: " تفكر ُساعة خيرٌ من قيام ليلة!"، 

ولما سُئلت زوجة أبي الدرداء رضي الله عنه ما أفضل عبادته قالت: "التفكر والاعتبار". 

 

▪️بدأت الآيات بذكر خلق السموات والأرض وخلقهما مُبهرٌ جدا ..

 

📕 وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن بينهما مسيرة خمسمائة سنة، وبين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة سنة، وكثف كل سماء مسيرة خمسمائةسنة،  وفوق السماء السابعة بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض، ثم فوق ذلك العرش، والله فوق العرش ليس يخفى عليه من أعمال بني آدم شئ... 


📍 أليس ذلك يدلك على قدرة الله جلّ جلاله

أعظم طريقين إلى معرفة الله بعد الأفتقار إليه 

التفكر في خلق الله والمشاهدة وهي مخلوقات الله


"التفكر في آيات الله المتلوة

وهي تدبّر القرآن لأن تدبّر القرآن فيه إثبات ربوبيته ووحدانيته،،وأسمائه وصفاته 

ومن دخل هذا العلم بيقين أزداد خشية لله وافتقار ويعظم قدر الله في قلوبنا 


تفسير الآيات من ايـة (١) إلى آيـة (١٠)


              ﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 


✏️{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)


📘 قال  ، ابن عباس  رضي الله عنهما 

قال : كنت لا أدري ما فاطر السماوات والأرض ، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر ، فقال أحدهما [ لصاحبه ] : أنا فطرتها ، أنا بدأتها . 


"فقال ابن عباس أيضا : ( فاطر السماوات والأرض ) بديع السماوات والأرض .


"وقال الضحاك : كل شيء في القرآن فاطر السماوات والأرض فهو : خالق السماوات والأرض .


الحمدلله :جلّ جلاله اللام هنا للاختصاص الحمدلله وحده 

ثم جاء تعريف بالله أنه خالق السموات والأرض 



📍التعريف الثاني بيّن صفة خلق الملائكة



﴿ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ 

▪️بيّن الله صفة خلق الملائكة، وأن خلقهم يتفاوت، وصفاتهم تتفاوت..

 

° وهم عباد الله المكرمون، خلقهم الله من نور، و طهرهم وقدسهم ذاتا وصفاتا وأفعالا . 


° ليسوا بناتا ولا أولادا لله ولا شركاء له..


° عددهم لا يحصيه إلا الله فهم كثرة كاثرة، ويكفينا قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أطّت السماء وحُق لها أن تئِط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملكٌواضعٌ جبهته لله ساجدا".. 


°منهم من جاءت تسميته في القرآن والسنة، ومنهم من جاء ذكرُ عمله الذي وكل به، ونحن نؤمن بالملائكة .. ما جاء مفصلاً نؤمن به مفصلا، وما ورد مجملا نؤمنبه إجمالا.. 


° نؤمن أن الملائكة أجسامٌ لطيفة ولطافتها من ناحيتين: 

الأولى: الخِفّة، وقدرتها على الحركة السريعة . 

والثانية: قدرتهم على التشكُل، فكان جبريل عليه السلام ينزل على رسول الله على هيئة دحية الكلبي.

 

° نؤمن أن لهم وظائف وأعمالا محددة، فمنهم من هو موكلٌ بالقِطر (المطر) وهو ميكائيل، ومعه أعوانٌ من الملائكة يأتمرون بأمره يصرّفون السحاب.. 


📗 جاء في الأثر: 

"ما من قطرة تنزل من السّماء إلا ومعها ملكٌ يقرر موضعها من الأرض


° ومنهم من هو موكلٌ بالنفخ في الصور وهو إسرافيل، ومن هو موكلٌ بقبض الأرواح وهو ملك الموت، ومن هم موكلون بالحفظ وهم (الحَفَظة)، فما من مؤمن إلاوجعل الله الملائكة من حوله يحفظونه من الشرور والأذى.. 


° ومنهم من هو موكلٌ بالجبال، ومنهم خزنة الجنة وخزنة النار،  ومنهم الكتبة  إلى آخره



(مثنى وثلاث ورباع ) أي : منهم من له جناحان ، ومنهم من له ثلاثة ومنهم من له أربعة ، ومنهم من له أكثر من ذلك ، 


"كما جاء في الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل ليلة الإسراء وله ستمائة جناح ، بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب ; ولهذا قال : 

( يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ) .


 قال السدي : يزيد في الأجنحة وخلقهم ما يشاء .


"ثم جاء التقرير والتأكيد أن الله(إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )


إذا كان قدرة الله جلّ جلاله في الملائكة الخلق العظيم، مابالك في الأمور الأخرى.


"نسأل الله باسمه القادر القدير المقتدر أن يوفقنا لكل خير وأن ييسر مانؤمل ونرجو ويكتب لنا الخير فيه.


على المؤمن أن يتولى الملائكة بالحب والتبجيل والإكرام، وأن يحرص على صحبتهم فهي صحبةٌ مباركة محفوفة بالرحمات.


● كيف تُستصحب الملائكة؟


• بكثرة قراءة القرآن، فلا ترضى بالقليل من القرآن فيقلّ حظك من هذه الصحبة.


• حضور مجالس الذكر والعلم، إن لله ملائكة سيّاحين يلتمسون مجالس الذكر.


• أن يكون على طهارة ويبيت طاهرا (من بات طاهراً بات في شعاره ملك، فلم يستيقظ حتى يقول اللهم اغفر لعبدك فلان فقد بات طاهرا) .. وأنعم وأكرم بهذاالصاحب الذي يكون بجانبك وملاصقا لك وكلما تقلبت في فراشك استغفر لك..!


• الجلوس لانتظار الصلاة، لم تزل الملائكة تُصلي عليه اللهم اغفر له، اللهم ارحمه.


• أكلة السحور (إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين) .


• صلاة الملائكة على من يعود مريضا

 (ما من مسلمٍ عاد أخاهُ إلا ابتُعث له سبعون ألف ملكٍ يصلّون عليه من أي ساعات النهار كان حتى يُمسي ومن أي ساعات الليل كان حتى يصبح) .


• صلاة الملائكة على معلم الناس الخير.


• صلاتهم على أهل الصفوف الأولى في الصلاة، ومن هم في ميامن الصفوف.

 

✏️{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢)

• آيةٌ تسكب ٌ السكينة في قلب قارئها،

يجدُ فيها الفرج والفرح والرِّي والاسترواح..

إنها رحمة عامة تشمل كل رحمة، ورحمات الله لا تُحصى ..

الهداية رحمة

التوبة رحمة

الستر رحمة

الأخلاق رحمة

العلم والتوفيق والحكمة رحمة

الزوج الصالح والذرية الصالحة رحمة.. 


والله وحدهُ هو الذي يملك الرحمة وليس البشر..

فلو قدّر الله هذه الرحمة لأحد، لا يستطيع مخلوق ولا كائنٍ من كان أن يُمسكها أو يحجبها عنه…!

ومن رحمة الله أن تشعر بهذه الرحمة،،

-

﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا …

● ومن أعظم الرحمة [ الفتح ]

فالإنسان قد تُغلق عليه أمور دنياه من رزق، ومال، وشفاء، وزوج، وذرية، ….


وقد تُغلق عليه أمور دينه من فتورٍ، وانتكاس، وتراجع، وضعف همةٍ، وقسوة قلبٍ، وجفاف دمعٍ، وعدم ثبات..

فالله إذا أغلقَ ولم يفتح،

حلت المعاناةُ في حياتنا ..

والمعاناةُ بيننا و وبين أنفسنا

والمعاناةُ بيننا وبين الناس

بل المعاناةُ في كل شيء !!


وإن أصعب الإغلاق هو (قبضُ القلب)..!

إغلاقُ القلب.. 

حين يشعر الإنسان أنه محبوسٌ محصورٌ داخل نفسه، وكأنه يتنفسُ من ثقب إبرة..

ما أصعبه وأشده من إغلاق!

كل هذه المغاليق لا يفتحها إلا الله،

فالله برحمته يفتحُ كل مغلق


📕وكما قال أحد السلف:

[إذا لم تستعن بالفتاح، ستبقى الأبواب مغلقةً دونك! ]

فالفتحُ رحمة وأيّ رحمة..


     يارب افتح مغاليق قلوبنا🍃


﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا … 

• المصائب والبلاءات رحمة،،

والمؤمن الموحد لا ينظر للبلاء من زاوية ضيقة، زاوية الألم فقط .. لا

وإنما يوسّع نظرته ويتلمس رحمة الله فيما نزل به..!


كم كان هذا البلاء سببا في صلاحك واستقامتك ويقظتك، وكم أصلح هذا البلاء من ثغرات وثغرات في قلبك..


وكم سدّ وأغلق هذا البلاء بابًا من السيئات كان مفتوحا عليك، تتقلب فيه صباح مساء وضاع عمرك وأنت منغمسٌ فيه..


كم كان سببا في صلاح أولادك وهدايتهم..

وكم فتح لك أبوابا من العلم والخير لم يخطر على بالك يوما أنك ستكون من أهلها، فضلا أن تتولى قيادتها وتصبحُ رأساً فيها..!!

وصدق أهل العلم في قولهم:


” لو كُشِفَ لك من اللوح المحفوظ لم تختر من القدرِ إلا ماقُدّر لك..! “


• مهما فقدت أو صُرِفَ عنك من أمور الدنيا فأحسن الظن بربك بأن هذا الصرف إنما هو “رحمةٌ” من الله بك..

     ﴿ وَاللهُ يَعلَمُ وَأنتُمْ لا تَعلَمُون ﴾،


لذلك قال وهو العزيز الحكيم

● جاء أعرابي لعمر رضي الله عنه يشتكي قلة المطر.. 

يا أمير المؤمنين: أجدبت الأرض .. مات الزرع .. هلك الناس

فرد عليه عمر مباشرة: إذاً أُمطرتم…!


• كلما تعسر الأمر واشتد واشتد وانغلق، فهذا إيذانٌ بأن الفرج قد اقترب، وأصبح قاب قوسين أو أدنى ..


• فإياك أن ينظر الله لقلبك وأنت في عسرك فيجدك تتقلبُ في النقص..!

نقص الإيمان، وسوء الظن، واليأس والقنوط وكأن رحمة الله انتهت

وأبواب الله اُغلقت

وخزائن الله نفدت

بل الكمال كل الكمال أن تشتري مرضاة الله وأنت في هذا العُسر الشديد، بقلبك وبلسانك..

فينظر الله لقلبك فلا يجدُ فيه إلا الرضا، وحسن الظن، وترقّب الفرج..

وينظر للسانك فلا يسمع إلا الحمد والدعاء والثناء على حكمته وعلمه وتدبيره ولطفه..

فلا تخرج من هذا البلاء إلا وأنت مرحومٌ برحمة الله، اشتريت رحمة الله بقلبك ولسانك.


• لو استطاع الإنسان أن يعيش هذه الرحمة ويستروحها لتبدلت حياته، ولغدت محنه وبلاءاته منحاً ورحمات،،


📌 ثم جاء النداء الاول في السورة


✏️{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ (٣)


نـعِم الله علينا كثيرة بالإسلام والإيمان 

وبالصحة والعافيه والأمن والأمان والأهل

كل أصناف النعم التي انعم الله علينا بها


كيف نذكرها بقلوبنا ونذكرها بجوارحنا وألسنتنا 


 "الاستدلال على توحيده في إفراد العبادة له ، كما أنه المستقل بالخلق والرزق فكذلك فليفرد بالعبادة ،


فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ :-اي تصرفون العبادة لغير الله

فأنتم بعد هذا تعبدون الأنداد والأوثان


✏️وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤)

يقول : وإن يكذبك - يا محمد - هؤلاء المشركون بالله ويخالفوك فيما جئتهم به من التوحيد ، فلك فيمن سلف قبلك من الرسل أسوة ، فإنهم كذلك جاءوا قومهمبالبينات وأمروهم بالتوحيد فكذبوهم وخالفوهم ، 


( وإلى الله ترجع الأمور ) أي : وسنجزيهم على ذلك أوفر الجزاء .

-

● ذكرت سورة فاطر أعظم صارفين يصرفان الإنسان عن الحق :

• الأول: الدنيا


✏️ ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (٥) 

والدنيا حلوةٌ خضِرة، خداعةٌ براقة..

إذا فتحت عليك أبوابها وضحكت لك سحرتك و فتنتك وخطفتك وسحبتك…!


عن الحكمة لوجودك في هذه الحياة الدنيا

قال تعالى 

﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ﴾


• وكان يقولها الشيخ الشنقيطي لابنه (يا بني: الدنيا كالبحر كلما شربت منها ازداد عطشك..!) 


• حب الدنيا بلاءٌ كبير، من اُبتلي به فقد الكثير من إيمانه، وطال أمله، ومرض قلبه، وفقدَ السعادة ..

لأنه لن يشبع منها…!

[وكلُ ما تُعُلّقَ به فُقِدَ الصبرُ عليه،،

ومن ركنَ للدنيا أحرقتهُ بنارها فصار رماداً تذروه الرياح..

فاحذر الدنيا….!!

 

نعم ..

تعامل معها ولكن لا تتعلق بها..

واللهُ إذا أراد بعبده خيرا نزع حب الدنيا من قلبه،،،



● الصارف الثاني: الشيطان ،،،


✏️{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ(٦)


عداوة حقيقية قائمة إلى يوم القيامة..

هذا العدو هو أصل كل شر وأصل كل شقاء..!


       نسأل الله أن يجيرنا منه 🍃


• خفيٌ باطنٌ مستتر، مترصدٌ متربص، لا تعرف من أي ثغر سيهاجمك ..

من سمعك أو بصرك أو لسانك أو تفكيرك وخواطرك، أو بطنك وفرجك..


هو ينتظر أيُّ فرصة ليهجم عليك، ويضلك، ويعرقلك، ويغويك ويصرفك..


هو ملحاحٌ لا ييأس، ما استطاع عليك من طريق أتاك من آخر كما قال صلى الله عليه وسلم: " إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه" . 



• أخطر أسلحته التي يُشهرها عليك

 (سلاح الوسوسة)، 

الإنسان إذا التفت لهذه الوساوس وخاض فيها واسترسل معها، تسلط عليه الشيطان، وتقوّى عليه، وتمكن منه، وأخذ ينقله من وسواس لآخر حتى يُمرضه

ويخذله ويثبطه ويُقعده...


فاحذره، وتعلّم حبائله وفخاخه وخطواته ومصايده، واستعذ بالله منه..


فلن يخلصك ويحميك ويصرفه عنك ويكفيك شره وأذاه إلا ربك..


[اللهم إنا نعوذ بك من همزات الشياطين ونعوذ بك أن يحضرون]،،


____


📌العلاج من الشيطان أن نتخذه عدوًا 

نستعيذ من شره لا نلتفت لوساوسه ولا تسويله ولا لأي شي.


"ثم بين تعالى عداوة إبليس لابن آدم فقال :

 ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) أي : هو مبارز لكم بالعداوة ، فعادوه أنتم أشد العداوة ، وخالفوه وكذبوه فيما يغركم به ، ( إنما يدعو حزبه ليكونوا منأصحاب السعير 



✏️{الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (٧)


لما ذكرالله تعالى أن أتباع إبليس مصيرهم إلىعذاب السعير ، ذكر بعد ذلك أن الذين كفروا لهم عذاب شديد ; لأنهم أطاعوا الشيطان وعصوا الرحمن ، وأنالذين آمنوا بالله ورسله ) وعملوا الصالحات لهم مغفرة ) أي : لما كان منهم من ذنب ،

 ( وأجر كبير ) على ما عملوه من خير .


✏️{أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٨)


يعني : كالكفار والفجار ، يعملون أعمالا سيئة ، وهم في ذلك يعتقدون ويحسون أنهم يحسنون صنعا ، أي : أفمن كان هكذا قد أضله الله ، ألك فيه حيلة ؟ لاحيلة لك فيه ، 

( فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ) أي : بقدره كان ذلك ، 

( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) أي : لا تأسف على ذلك فإن الله حكيم في قدره ، إنما يضل من يضل ويهدي من يهدي ، لما له في ذلك من الحجة البالغة ،والعلم التامولهذا قال :

    ( إن الله عليم بما يصنعون ) .



📌 في هذه الآية 

عرضت لنا  فتنة خطيرة كبيرة وهي فتنة [التزيين]..

وهي أن يُزيّن الباطل ويُقدم في صورة الحق.. 


يفسد فهمه، ويفسد تصرفه، يبغض الحق، يحب الباطل، لا يدرك الأشياء على حقيقتها..


• ومتى يقع الإنسان فيها؟

إذا فقدَ بصيرته، إذا انطفأ نور البصيرة في قلبه، إذا أُصيب قلبه بالعمى..


• وهل يعمى القلب؟

﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾


كما أن العين يصيبها العمى فتفقد البصر، كذلك القلب يصيبه العمى ويفقد بصيرته..


وشتان شتان بين من فقدَ بصر العين ومن فقدَ بصر القلب..!


• البصيرة: هي النور الذي يقذفه الله في القلب فيميز به الإنسان بين الحق والباطل، ويُحسن عقله وتصرفاته واختياراته..

فلا يتبع الهوى، ولا يتحايل على الدين، ولا يخرم مروءةً، ولا يُحل حراما أو يحرم حلالا....


إنما هو سائرٌ إلى الله على بصيرة، على نور.. ﴿وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّور  ،، 


● كيف ينجو الإنسان من فتنة التزيين؟ 


سواء كانت تزييناً للمعاصي (الهوى والشهوات)، أو تزييناً للعمل فيراه حسناً، أو قلباً للأمور وتسميتها بغير مسمياتها ؟


• لا تعرض نفسك لأبواب الضلال وتتساهل في أمر الاستقامة، فكم من اُناسٍ ضلّوا من بعد الهداية، وانتكسوا من بعد الصلاح!


فلا تتكل على صلاحك وإن كنت صالحاً، ولا على استقامتك وإن كنت مستقيماً ..


• اجتهد في حراسة نفسك حتى تنتهي من الدنيا ..


• أكثر من الحوقلة فهي كلمة فرارٍ تفرّ بها إلى الله ويؤمنك بها من الفتنة ..


• الزم دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:

يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"


• عليك بالعلم .. فبه تدفع عن قلبك الشبهة والفهم السقيم العليل الذي قد يرديك ..


• ابحث عن أهل البصيرة والزمهم، فهم القوم الذين لا يشقى بهم جليس...


وإن من الناس من إذا اقتربت منهم وخالطتهم وعاشرتهم، أحسستَ بنَفَسَ الصدق فيهم، تكاد تشم رائحة الصدق وعبقه منهم، لا زخرفة ولا تمثيل ولا كذبولانفاق...


حكماء، حلماء، مباركين، ابحث عنهم وكن معهم، وإياك أن تفرط بهم..


رزقني الله وإياكم بهم،، 🍃



"ثم بدأ بتقرير أحد آيات الله في هذا الكون الداله على قدرته فـ قال جلّ جلاله

بذكر دليل الحياة بعد الممات 


✏️{وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ كَذَٰلِكَ النُّشُورُ (٩)


كثيرا ما يستدل تعالى على المعاد بإحيائه الأرض بعد موتها - كما قال عزوجل في سورة الحج لمّا قال في أثبات الحشر والمعاد ،بين إن إذا  أرسل إليهاالسحاب تحمل الماء وأنزله عليها ، 

<اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ >

، كذلك الأجساد ،


ولهذا قال تعالى : ( كذلك النشور ) .

.هذا دليل على إثبات البعث والنشور وهو البعث بعد الموت .




ثم قال عز وجل ✏️{مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ۚ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ وَمَكْرُ أُولَٰئِكَهُوَ يَبُورُ (١٠)

أي : من كان يحب أن يكون عزيزا في الدنيا والآخرة ، فليلزم طاعة الله ، فإنه يحصل له مقصوده، وله العزة جميعها ،



"وقال قتادة : ( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ) : فليتعزز بطاعة الله عز وجل 


نسال الله ان يعزنا بطاعته ولا يذلنا بمعصيته🍃


العمل الصالح يرفع إلى الله 

 : ( إليه يصعد الكلم الطيب ) يعني : الذكر والتلاوة والدعاء .

كل الأعمال الصالحه تصعد إليه جلّ جلاله .


📕 روى الأمام  أحمد : - عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الذين يذكرون من جلال الله ، من تسبيحه وتكبيرهوتحميده وتهليله ، يتعاطفن حول العرش ، لهن دوي كدوي النحل ، يذكرون بصاحبهن ألا يحب أحدكم ألاَ يزال له عند الله شيء يذكر به ؟ 


أذكر الله في ملأ يذكرك في ملأ خيرٌ منه 

نسأل الله أن يذكرنا كما ذكرناه في هذه الآيات العظيمة في ملأ خير من هذا الملأ.🍃

صعود العمل الصالح يدل على الرضا 

اللهم أرضّ عنا وتقبل منّا 

العمل الذي يتقبله الله ويرضاه هو الذي يصعد .


"والله طيب لايقبل إلاّ طيبا 

كل مازادت أعمالك طيبًا أزداد قبولها.



ومن تأمل آثار  اسم الله الطيب 

تأملي إذا تصدق العبد بعدل تمرة من كسب طيب فإن الله يتقبلها بيمينه

ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوة حتى تكون مثل الجبل .



📕يقول ابن مسعود: إن العبد المسلم إذا قال: 

"سبحان الله وبحمده، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، تبارك الله"،

أخذهن ملك فجعلهن تحت جناحه، ثم صعد بهن إلى السماء، فلا يمر بهن على جمع من الملائكة إلااستغفروا لقائلهن، 


🔹فلنكثر من الأعمال الصالحه بطيب نفس حتى ترفع إلى الله ويتقبلها ، فإن الله إذا رضي عن العبد وتقبل عمله صعد بهذا العمل ، فإن الله طيب لايقبل إلاّطيبًا 

ولا يقبل قول إلا بعمل .



وقوله : ( والذين يمكرون السيئات ) : قال مجاهد : هم المراءون بأعمالهم ، يعني : يمكرون بالناس ، يوهمون أنهم في طاعة الله ، 


      "نسأل الله الأخلاص " 

اللهم نعوذ بك أن نشرك بك شيئًا ونحن نعلم ، ونستغفرك لما لانعلم 🍃



"ماذا لهم الذين يمكرون السيئات ؟


 ( لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور ) ، أي : يفسد ويبطل ويظهر زيفهم عن قريب لأولي البصائر والنهى ، فإنه ما أسر عبد سريرة إلا أبداها الله علىصفحات وجهه وفلتات لسانه ، وما أسر أحد سريرة إلا كساه الله رداءها ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر . 


فالمرائي لا يروج أمره ويستمر إلا على غيّ ، أما المؤمنون المتفرسون فلا يروج ذلك عليهم ، بل يكشف لهم عن قريب ، ولذلك قال جلّ جلاله 


            (وَمَكْرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ)



     "نكمل اللقاء القادم بإذن الله "


رزقنا الله الاخلاص والقبول في القول والعمل 


اللهم ياطيّب طيّب أعمالنا وقلوبنا وجوارحنا 

واملأ قلوبنا خشية منك وتوكلاً عليك


🍃وصلّ اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرا .


🍃‏‎• •سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت

 أستغفرك وأتوب إليك

*المصادر:

 المصباح المنير

دروس أ.نجلاءالسبيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق