✍🏻المجلس التدبّري الأربعاء الموافق
٢٧- ٢ - ١٤٤٢ هجري
🔹 لـ سورة الزمر 3️⃣
اللهم أجعلنا من أهل القرآن العاملين المتخلّقين بما فيه ، ويرزقنا بركة هذا القرآن العظيم ، لاشك أن كلّ مايمسّه القرآن تجدي بركته في حياتك ، ويوم لقاء الله عز وجل أن أخلصتِ النية
~ •نسأل الله الاخلاص والقبول •~
الله عز وجل لمّا قال <كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ>
..
فلا شك إن كل مازددنا علمًا وفهمًا وتدبرًا وعملاً بهذا القرآن العظيم فإنك ستجدين بركته، فهذه البركة تمسّك أنتِ في أخلاقك ، في تربيتك حتى في طمأنينتك داخليًا وخارجيًا وسلوكيًا وعلاقتك مع الآخرين كلها من بركات القرآن العظيم
📍 نسأل الله أن يبارك لنا في هذا المجلس
ويجعله سببًا في صلاح قلوبنا ، وصلاح أحوالنا أنه ولي ذلك والقادر عليه.
﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾
• تفسير الايات من ( ٢٥ ) إلى اية ( ٤٧)
ويتحدث المقطع عن الترهيب والتخويف وما أعدّه الله لهولاء المكذبين
✏️﴿كَذَّبَ الَّذينَ مِن قَبلِهِم فَأَتاهُمُ العَذابُ مِن حَيثُ لا يَشعُرونَ﴾ [: ٢٥]
﴿كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ من الأمم كما كذب هؤلاء، ﴿فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ جاءهم في غفلة أول نهار، أو هم قائلون.
✏️﴿فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الخِزيَ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَلَعَذابُ الآخِرَةِ أَكبَرُ لَو كانوا يَعلَمونَ﴾ [: ٢٦]
﴿فَأَذَاقَهُمُ اللهُ﴾ بذلك العذاب ﴿الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ فافتضحوا عند اللّه وعند خلقه ﴿وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ فليحذر هؤلاء من المقام على التكذيب، فيصيبهم ما أصاب أولئك من التعذيب.
✏️﴿وَلَقَد ضَرَبنا لِلنّاسِ في هذَا القُرآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُم يَتَذَكَّرونَ﴾ [: ٢٧]
يخبر تعالى أنه ضرب في القرآن من جميع الأمثال، أمثال أهل الخير وأمثال أهل الشر، وأمثال التوحيد والشرك، وكل مثل يقرب حقائق الأشياء، والحكمة في ذلك ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ عندما نوضح لهم الحق فيعلمون ويعملون.
✏️﴿قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيرَ ذي عِوَجٍ لَعَلَّهُم يَتَّقونَ﴾ [: ٢٨]
﴿قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ﴾ أي: جعلناه قرآنا عربيا، واضح الألفاظ، سهل المعاني، خصوصا على العرب. ﴿غَيْرَ ذِي عِوَجٍ﴾ أي: ليس فيه خلل ولا نقص بوجه من الوجوه، لا في ألفاظه ولا في معانيه، وهذا يستلزم كمال اعتداله واستقامته كما قال تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قَيِّمًا﴾
﴿لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ الله تعالى، حيث سهلنا عليهم طرق التقوى العلمية والعملية، بهذا القرآن العربي المستقيم، الذي ضرب اللّه فيه من كل مثل.
✏️﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَل يَستَوِيانِ مَثَلًا الحَمدُ لِلَّهِ بَل أَكثَرُهُم لا يَعلَمونَ﴾ [: ٢٩]
ثم ضرب مثلا للشرك والتوحيد فقال: ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا رَجُلًا﴾ أي: عبدا ﴿فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ﴾ فهم كثيرون، وليسوا متفقين على أمر من الأمور وحالة من الحالات حتى تمكن راحته، بل هم متشاكسون متنازعون فيه، كل له مطلب يريد تنفيذه ويريد الآخر غيره، فما تظن حال هذا الرجل مع هؤلاء الشركاء المتشاكسين؟
﴿وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ﴾ أي: خالصا له، قد عرف مقصود سيده، وحصلت له الراحة التامة. ﴿هَلْ يَسْتَوِيَانِ﴾ أي: هذان الرجلان ﴿مَثَلًا﴾ ؟
(لا يستويان.)
"كذلك المشرك، فيه شركاء متشاكسون، يدعو هذا، ثم يدعو هذا، فتراه لا يستقر له قرار، ولا يطمئن قلبه في موضع، والموحد مخلص لربه، قد خلصه اللّه من الشركة لغيره، فهو في أتم راحة وأكمل طمأنينة، فـ ﴿هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ على تبيين الحق من الباطل، وإرشاد الجهال. ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾
[ ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلاً سلماً لرجل هل يستويان مثلا]
ضرب الله مثل عبد مملوك لشركاء كثيرون ليسوا متفقين على أمر من الأمور بل هم مختلفون متنازعون كل له طلب يريد تنفيذه ويريد الآخر غيره!
فما تظنين حال هذا الرجل مع هؤلاء الشركاء المتشاكسين .
ثم ضرب الله مثل الرجل الثاني أو العبد الثاني فهو خالص لرجل واحد لا يملكه أحد غيره فالعبد يعرف مقصود سيده فخلصت له الراحة التامة.
ثم أتى بالاستفهام:[ هل يستويان مثلاً]
هل يستوي حال الأول والثاني؟!
فهذا مثل الشرك والتوحيد فالمشرك يعبد شركاء متشاكسون، يدعوا هذا ثم يدعوا هذا فتراه لا يستقر له قرار، ولا يطمئن قلبه لموضع.
والموحد مخلص لربه قد خلصه الله من الشرك لغيره فهو في أتم راحة وأكمل طمأنينة، فأين هذا من هذا ؟!
ولما كان هذا المثل ظاهراً بيناً جلياً قال [ الحمد لله]
على إقامة الحجة عليهم
[ بل أكثرهم لا يعلمون] أي فلهذا يشركون بالله
✏️{إِنَّكَ مَيِّتٞ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ [٣٠]
قال قتادة: هذه الآية نُعيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونعت إليهم أنفسهم.
ووجه هذا إعلام الصحابة بأنه أي - الرسول صلى الله عليه وسلم - سيموت وهذه الآية استشهد بها الصديق-رضي الله عنه - عند موت الرسول صلى الله عليه وسلم مع قوله تعالى [ ومامحمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل]
حتى استيقن الصحابة من موته.
📌 ومعنى الآية : أن كل من على الأرض سيموت لا محالة وسيجتمعون عند الله تعالى في الدار الآخرة ، وتختصمون فيما كان بينكم في الدنيا..
📚 قال الزبير بن العوام رضي الله عنه : لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم[ إنك ميت وإنهم ميتون * ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون]
قال الزبير: أي رسول الله، أيكرر علينا ماكان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب ؟
قال صلى الله عليه وسلم : نعم .. ليكررن عليكم حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه..
قال الزبير: والله إن الأمر لشديد !
📍 فلنستعد لهذا اليوم، ولنعلم أننا سنختصم وسيقضى بيننا، فلنتقي الله في أنفسنا فإن الكرب عظيم والذنوب كثيرة..
📗وقال السعدي رحمه الله في تعليقه على [ كل نفس ذائقة الموت]
هذا كأس لا بد من شربه وإن طال بالعبد المدى!!
"نسأل الله أن يحسن وفادتنا إليه."
✏️﴿ثُمَّ إِنَّكُم يَومَ القِيامَةِ عِندَ رَبِّكُم تَختَصِمونَ﴾
[: ٣١]
﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾ فيما تنازعتم فيه، فيفصل بينكم بحكمه العادل، ويجازي كُلًّا ما عمله ﴿أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ﴾
✏️﴿فَمَن أَظلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدقِ إِذ جاءَهُ أَلَيسَ في جَهَنَّمَ مَثوًى لِلكافِرينَ﴾ [: ٣٢]
يقول تعالى، محذرا ومخيرا: أنه لا أظلم وأشد ظلما ﴿مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ﴾ إما بنسبته إلى ما لا يليق بجلاله، أو بادعاء النبوة، أو الإخبار بأن اللّه تعالى قال كذا، أو أخبر بكذا، أو حكم بكذا وهو كاذب، فهذا داخل في قوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ إن كان جاهلا، وإلا فهو أشنع وأشنع.
﴿وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ﴾ أي: ما أظلم ممن جاءه الحق المؤيد بالبينات فكذبه، فتكذيبه ظلم عظيم منه، لأنه رد الحق بعد ما تبين له، فإن كان جامعا بين الكذب على اللّه والتكذيب بالحق، كان ظلما على ظلم.
﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ﴾ يحصل بها الاشتفاء منهم، وأخذ حق اللّه من كل ظالم وكافر. ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾
✏️[ وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدۡقِ وَصَدَّقَ بِهِۦٓ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ [٣٣ ]
"يشمل صدق المقال
"وصدق الفعال
"وصدق النية
فإن جميع خصال التقوى ترجع إلى الصدق بالحق والتصديق به.
✏️[ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡمُحۡسِنِينَ [٣٤ ]
لهم أي للمتقين مايشاءون عند ربهم من أنواع الثواب مما لا عين رأيت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر..
[لِيُكَفِّرَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ أَسۡوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ[ ٣٥ ]..
وهذا من كرم الله تعالى..
📌 عمل الأنسان إذا عمله له ثلاث حالات:-
إمّا أسوا ،،أو أحسن،، أو لاأسوأ ولا أحسن
القسم الأخير:- لا أسوا ولأحسن هذه المباحات لايتعلق به لاثواب ولا عقاب ( مباح )
والاسوأ :-المعاصي كلها
والأحسن :-الطاعات كلها
📌 ثم بعد ذلك انتقل الله عز وجل لموضوع آخر وهو كفاية الله
بدأ بالترهيب من الكذب ،ثم الترغيب في الصدق، والرغيب في التقوى والأحسان وهذه كلها تصلين إليها في طريق واحد
إخلاصك لله إذا أخلصنا صدقنا مع الله
* إذا كان العبد مخلص مايخشى الناس، صادق في قوله ، صادق في فعِاله ، صادق في نيته
" إذا أخلصنا لله كنا من عباده المتقين تتركين العمل خشيةً وخوفًا من الله وهذه هي التقوى ، أن لايراك الله حيث نهاك، ولا يفتقدك حيث أمرك إلى أن تصلي إلى أعلى مرتبة وهي الأحسان
ثم بعد ذلك بين الله كفايته وإن من جوده وكرمه وعنايته بعبده الذي قام بعبوديته فقال
✏️﴿أَلَيسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبدَهُ وَيُخَوِّفونَكَ بِالَّذينَ مِن دونِهِ وَمَن يُضلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن هادٍ﴾ [الزمر: ٣٦]
﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ أي: أليس من كرمه وجوده، وعنايته بعبده، الذي قام بعبوديته، وامتثل أمره واجتنب نهيه، خصوصا أكمل الخلق عبودية لربه، وهو محمد صلى اللّه عليه وسلم، فإن اللّه تعالى سيكفيه في أمر دينه ودنياه، ويدفع عنه من ناوأه بسوء.
﴿وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ من الأصنام والأنداد أن تنالك بسوء، وهذا من غيهم وضلالهم.
﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾
•[ أليس الله بكاف عبده ]•
في هذه الآية الحث على تحقيق العبودية فإنه بتحقيق العبودية تتحقق لك الكفاية من الله..
"اللهم اقمنا مقام العبودية الحقة بين يديك"
✏️﴿وَمَن يَهدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن مُضِلٍّ أَلَيسَ اللَّهُ بِعَزيزٍ ذِي انتِقامٍ﴾ [الزمر: ٣٧]
﴿وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ﴾؛ لأنه تعالى الذي بيده الهداية والإضلال، وهو الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ﴿أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ﴾ له العزة الكاملة التي قهر بها كل شيء، وبعزته يكفي عبده ويدفع عنه مكرهم، ﴿ذِي انْتِقَامٍ﴾ ممن عصاه، فاحذروا موجبات نقمته.
✏️[ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ..] أي ولئن سألت هؤلاء الضُلّال الذين يخوفونك بالذين من دونه وأقمت عليهم دليلاً من أنفسهم فقلت ( من خلق السماوات والأرض )؟!
من أوجدها على هذه الصنعة البديعة ؟
( ليقولن الله) فهم يقرون بأن خالقهم هو الله عز وجل فهم مقرون بتوحيد الربوبية غاية الإقرار ..
ثم اسألهم يا محمد سؤال آخر بعدما أقروا بأن السماوات والأرض خالقهن الله العظيم سبحانه
( قل أفرأيتم ) أي أخبروني
( مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ )؟!
أخبروني عن هذه الأصنام التي تدعون من دون الله هل تملك كشف ضر أراده الله لي، وتمسك رحمة أرادها الله عز وجل لي؟
قال مقاتل: سألهم النبي صلى الله عليه وسلم فسكتوا.
[قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ]
لا يهمني أن تهددوني بهذه الأصنام فإن حسبي الله أي : كافيني عمن سواه فعليه يعتمد المعتمدون في جلب مصالحهم ، ودفع مضارهم ، فالذي بيده وحده الكفاية هو حسبي سيكفيني كل ما أهمني وما لا اهتم به..
[عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ] ٣٨
التوكل هو الاعتماد على الله عز وجل بجلب المنافع ودفع المضار مع الثقة بالله..
📌 ثم انظري وتأملي في هذه الآية الكريمة وكيف أخذنا الله إلى حقيقة فطرية واضحة فإذا كان الله هو خالق السماوات والأرض فهل يملك أحد أو شيء في هذه السماوات والأرض أن يكشف ضراً أراد الله له أن يصيب عبداً من عباده ؟!
أم يملك أحد من السماوات والأرض أن يحبس رحمة أراد الله أن تنال عبداً من عباده؟!
*~الجواب القاطع: لا~*
فإذا تقرر هذا فمالذي يخشاه الداعية إلى الله؟
فليس أحد بكاشف الضر عنه؟
وليس أحد بمانع الرحمة عنه ؟
فمالذي يقلقه أو يخيفه أو يصده عن طريقة؟!
إنه متى استقرت هذه الحقيقة في قلب مؤمن فقد انتهى الأمر بالنسبة إليه، وقد انقطع الجدل وانقطع الخوف وانقطع الأمل إلا في جناب الله سبحانه فهو كافٍ عبده وعليه يتوكل وحده..
[قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُون]
إنها الطمأنينة بعدها الثقة واليقين ، والطمانيتة التي لا تخاف ، والثقة التي لا تقلق ، واليقين الذي لا يتزعزع ..
✏️﴿قُل يا قَومِ اعمَلوا عَلى مَكانَتِكُم إِنّي عامِلٌ فَسَوفَ تَعلَمونَ﴾ [: ٣٩]
أي: ﴿قُلْ﴾ لهم يا أيها الرسول: ﴿يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾ أي: على حالتكم التي رضيتموها لأنفسكم، من عبادة من لا يستحق من العبادة شيئا ولا له من الأمر شيء.
﴿إِنِّي عَامِلٌ﴾ على ما دعوتكم إليه، من إخلاص الدين للّه تعالى وحده. ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ لمن العاقبة
✏️﴿مَن يَأتيهِ عَذابٌ يُخزيهِ وَيَحِلُّ عَلَيهِ عَذابٌ مُقيمٌ﴾ [: ٤٠]
و ﴿مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ﴾ في الدنيا. ﴿وَيَحِلُّ عَلَيْهِ﴾ في الأخرى ﴿عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ لا يحول عنه ولا يزول،.وهذا تهديد عظيم لهم، وهم يعلمون أنهم المستحقون للعذاب المقيم، ولكن الظلم والعناد حال بينهم وبين الإيمان.
✏️﴿إِنّا أَنزَلنا عَلَيكَ الكِتابَ لِلنّاسِ بِالحَقِّ فَمَنِ اهتَدى فَلِنَفسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيها وَما أَنتَ عَلَيهِم بِوَكيلٍ﴾ [: ٤١]
يخبر تعالى أنه أنزل على رسوله الكتاب المشتمل على الحق، في أخباره وأوامره ونواهيه، الذي هو مادة الهداية، وبلاغ لمن أراد الوصول إلى اللّه وإلى دار كرامته، وأنه قامت به الحجة على العالمين.
﴿فَمَنِ اهْتَدَى﴾ بنوره واتبع أوامره فإن نفع ذلك يعود إلى نفسه ﴿وَمَنْ ضَلَّ﴾ بعدما تبين له الهدى ﴿فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا﴾ لا يضر اللّه شيئا. ﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾ تحفظ عليهم أعمالهم وتحاسبهم عليها، وتجبرهم على ما تشاء، وإنما أنت مبلغ تؤدي إليهم ما أمرت به.
✏️﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حينَ مَوتِها وَالَّتي لَم تَمُت في مَنامِها فَيُمسِكُ الَّتي قَضى عَلَيهَا المَوتَ وَيُرسِلُ الأُخرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرونَ﴾ [: ٤٢]
يخبر تعالى أنه المتفرد بالتصرف بالعباد، في حال يقظتهم ونومهم، وفي حال حياتهم وموتهم، فقال: ﴿اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾ وهذه الوفاة الكبرى، وفاة الموت.
وإخباره أنه يتوفى الأنفس وإضافة الفعل إلى نفسه، لا ينافي أنه قد وكل بذلك ملك الموت وأعوانه، كما قال تعالى: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾ ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾ لأنه تعالى يضيف الأشياء إلى نفسه، باعتبار أنه الخالق المدبر، ويضيفها إلى أسبابها، باعتبار أن من سننه تعالى وحكمته أن جعل لكل أمر من الأمور سببا.
📍 وقوله: ﴿وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾ وهذه الموتة الصغرى، أي: ويمسك النفس التي لم تمت في منامها، ﴿فَيُمْسِكُ﴾ من هاتين النفسين النفس ﴿الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ﴾ وهي نفس من كان مات، أو قضي أن يموت في منامه.
﴿وَيُرْسِلُ﴾ النفس ﴿الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ أي: إلى استكمال رزقها وأجلها.
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾
على كمال اقتداره، وإحيائه الموتى بعد موتهم.
وفي هذه الآية دليل على أن الروح والنفس جسم قائم بنفسه، مخالف جوهره جوهر البدن، وأنها مخلوقة مدبرة، يتصرف اللّه فيها في الوفاة والإمساك والإرسال، وأن أرواح الأحياء والأموات تتلاقى في البرزخ، فتجتمع، فتتحادث، فيرسل اللّه أرواح الأحياء، ويمسك أرواح الأموات.
[ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ]
📌 أن في النوم دلالة واضحة على البعث فإن النوم موتة صغرى يبعث الله منها النائم،
وفيها الحث على التفكر وأنه مفتاح العلم
✏️﴿أَمِ اتَّخَذوا مِن دونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُل أَوَلَو كانوا لا يَملِكونَ شَيئًا وَلا يَعقِلونَ﴾ [: ٤٣]
ينكر تعالى، على من اتخذ من دونه شفعاء يتعلق بهم ويسألهم ويعبدهم. ﴿قُلْ﴾ لهم - مبينا جهلهم، وأنها لا تستحق شيئا من العبادة-: ﴿أَوَلَوْ كَانُوا﴾ أي: من اتخذتم من الشفعاء ﴿لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا﴾ أي: لا مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، بل وليس لهم عقل، يستحقون أن يمدحوا به، لأنها جمادات من أحجار وأشجار وصور وأموات،.فهل يقال: إن لمن اتخذها عقلا؟ أم هو من أضل الناس وأجهلهم وأعظمهم ظلما؟.
✏️﴿قُل لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَميعًا لَهُ مُلكُ السَّماواتِ وَالأَرضِ ثُمَّ إِلَيهِ تُرجَعونَ﴾ [: ٤٤]
﴿قُلْ﴾ لهم: ﴿لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ لأن الأمر كله للّه.وكل شفيع فهو يخافه، ولا يقدر أن يشفع عنده أحد إلا بإذنه، فإذا أراد رحمة عبده، أذن للشفيع الكريم عنده أن يشفع، رحمة بالاثنين. ثم قرر أن الشفاعة كلها له بقوله ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أي: جميع ما فيهما من الذوات والأفعال والصفات. فالواجب أن تطلب الشفاعة ممن يملكها، وتخلص له العبادة. ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ فيجازي المخلص له بالثواب الجزيل، ومن أشرك به بالعذاب الوبيل.
✏️[وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ] ٤٥
وإذا ذكر الله وحده دون آلهتهم اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة ،
وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون :
والآية تصف حال النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه حين كان المشركون يهشون ويبشون إذا ذكرت آلهتهم، وينقبضون وينفرون إذا ذكرت كلمة التوحيد..
ولكنها تصف حالة نفسية تتكرر في شتى البيئات والأزمان ، فمن الناس من تشمأز قلوبهم وتنقبض نفوسهم كلما دُعوا إلى الله وحده..
📍وكلما وجد الإنسان الاشمئزاز من شريعة الله ففيه شبه والعياذ بالله من هؤلاء..
جاء بعدها بهذا الدعاء
✏️﴿قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالأَرضِ عالِمَ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ أَنتَ تَحكُمُ بَينَ عِبادِكَ في ما كانوا فيهِ يَختَلِفونَ﴾ [: ٤٦]
ولهذا قال ﴿قُلِ اللهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أي: خالقهما ومدبرهما. ﴿عَالِمَ الْغَيْبِ﴾ الذي غاب عن أبصارنا وعلمنا ﴿وَالشَّهَادَةِ﴾ الذي نشاهده.
﴿أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾
" وإن من أعظم الاختلاف اختلاف الموحدين المخلصين القائلين: إن ما هم عليه هو الحق، وإن لهم الحسنى في الآخرة دون غيرهم، والمشركين الذين اتخذوا من دونك الأنداد والأوثان، وسووا فيك من لا يسوى شيئا، وتنقصوك غاية التنقص، واستبشروا عند ذكر آلهتهم، واشمأزوا عند ذكرك، وزعموا مع هذا أنهم على الحق وغيرهم على الباطل، وأن لهم الحسنى.
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾
"وقد أخبرنا بالفصل بينهم بعدها بقوله: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ﴾ إلى أن قال: ﴿إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾
"وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ﴾ ففي هذه الآية، بيان عموم خلقه تعالى وعموم علمه، وعموم حكمه بين عباده،.فقدرته التي نشأت عنها المخلوقات، وعلمه المحيط بكل شيء، دال على حكمه بين عباده وبعثهم، وعلمه بأعمالهم، خيرها وشرها، وبمقادير جزائها، وخلقه دال على علمه ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾
✏️[وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ]٤٧
أي ظهر لهم من عقوبات الله وسخطه وشدة عذابه مالم يكن في حسابهم ، وفي هذا وعيد شديد وتهديد بالغ ..
📕 قال مجاهد : عملوا أعمالاً توهموها أنها حسنات فإذا هي سيئات..
📗 وقال سفيان الثوري:
ويل لأهل الرياء، ويل لأهل الرياء ، ويل لأهل الرياء.. هذه الآية وقصَتهم بمعنى كأنها قطعت رقابهم وما إلى ذلك ..
~*نكمل ماتبقى من الشرح الممتع اللقاء القادم بإذن الله *~ 💢
"نسأل الله القبول وأن لايجعلنا من الغافلين
وأن يرحمنا بالقرآن العظيم ويجعله ربيع قلوبنا "
وصلّ اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرا .
• سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
🤎🧡💛
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق