المجلس التدبّري لـ سورة الأعراف (6️⃣)
يوم الاثنين ؛- بتاريخ : ٢ / رجب /١٤٤٧ هجري
📝تفسير الآيات من آية (٩٤ ) إلى آيـة (١٢٩)
🎈بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 🎈
✏️{وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ
[٩٤]
يقول تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ ْ} يدعوهم إلى عبادة اللّه، وينهاهم عن ما وتخصيص هنا في قرية معناه أن الاسلام قد انتشر في كل أرجاء الأرض،، فهذا من نعمة الله عز وجل بدلالة الأمة على الدين الصحيح بإرسال الانبياء والمرسلين، وإنزال الكتب
فله الحمد والشكر
ونسأل الله أن يوزعنا شكر نعمته
وأن بستعملنا لايستبدلنا ،🍃
هم فيه من الشر، فلم ينقادوا له: إلا ابتلاهم الله { بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ ْ: بالفقر والمرض وأنواع البلايا { لَعَلَّهُمْ ْ} إذا أصابتهم، أخضعت نفوسهم فتضرعوا إلى الله واستكانوا للحق.
{ ثُمَّ ْ} إذا لم يفد فيهم، واستمر استكبارهم، وازداد طغيانهم.
✏️{ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَوا وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
[٩٥]
{ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ ْ} فَأدَرَّ عليهم الأرزاق، وعافى أبدانهم، ورفع عنهم البلاء { حَتَّى عَفَوْا ْ: كثروا، وكثرت أرزاقهم وانبسطوا في نعمة اللّه وفضله، ونسوا ما مر عليهم من البلاء.
{ وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ ْ: هذه عادة جارية لم تزل موجودة في الأولين واللاحقين، تارة يكونون في سراء وتارة في ضراء، وتارة في فرح،
ومرة في ترح، على حسب تقلبات الزمان، وحسبوا أنها ليست للموعظة والتذكير، ولا للاستدراج والنكير حتى إذا اغتبطوا، وفرحوا بما أوتوا،
وكانت الدنيا، أسر ما كانت إليهم، أخذناهم بالعذاب { بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ْ} أي: لا يخطر لهم الهلاك على بال، وظنوا أنهم قادرون على ما آتاهم اللّه، وأنهم غير زائلين ولا منتقلين عنه.
✏️{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [٩٦]
لما ذكر تعالى أن المكذبين للرسل يبتلون بالضراء موعظة وإنذارا، وبالسراء استدراجا ومكرا، ذكر أن أهل القرى، لو آمنوا بقلوبهم إيمانا صادقا صدقته الأعمال،
*واستعملوا تقوى اللّه تعالى ظاهرا وباطنا بترك جميع ما حرم اللّه، لفتح عليهم بركات السماء والأرض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم،
في أخصب عيش وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كد ولا نصب، ولكنهم لم يؤمنوا ويتقوا { فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ْ} بالعقوبات والبلايا ونزع البركات، وكثرة الآفات، وهي بعض جزاء أعمالهم،
وإلا فلو آخذهم بجميع ما كسبوا، ما ترك عليها من دابة. { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ْ}
✏️{أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ [٩٧]
{ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى ْ: المكذبة، بقرينة السياق { أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ْ: عذابنا الشديد { بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ ْ: في غفلتهم، وغرتهم وراحتهم.
✏️{أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ [٩٨]
أي شيء يؤمنهم من ذلك، وهم قد فعلوا أسبابه، وارتكبوا من الجرائم العظيمة، ما يوجب بعضه الهلاك❓
✏️{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [٩٩]
{ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ْ:- حيث يستدرجهم من حيث لا يعلمون، ويملي لهم، إن كيده متين، { فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ْ} فإن من أمن من عذاب اللّه، فهو لم يصدق بالجزاء على الأعمال، ولا آمن بالرسل حقيقة الإيمان.
📌 وهذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ، على أن العبد لا ينبغي له أن يكون آمنا على ما معه من الإيمان.
بل لا يزال خائفا وجلا أن يبتلى ببلية تسلب ما معه من الإيمان، وأن لا يزال داعيا بقوله: { يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
ْ} وأن يعمل ويسعى، في كل سبب يخلصه من الشر، عند وقوع الفتن، فإن العبد - ولو بلغت به الحال ما بلغت - فليس على يقين من السلامة.
✏️{أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ ۚ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ [١٠٠]
يقول تعالى منبها للأمم الغابرين بعد هلاك الأمم الغابرين { أَوَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ ْ: أو لم يتبين ويتضح للأمم الذين ورثوا الأرض، بعد إهلاك من قبلهم بذنوبهم، ثم عملوا كأعمال أولئك المهلكين❓
أو لم يهتدوا أن اللّه، لو شاء لأصابهم بذنوبهم، فإن هذه سنته في الأولين والآخرين.
وقوله: { وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ْ} أي: إذا نبههم اللّه فلم ينتبهوا، وذكرهم فلم يتذكروا، وهداهم بالآيات والعبر فلم يهتدوا،
فإن اللّه تعالى يعاقبهم ويطبع على قلوبهم، فيعلوها الران والدنس، حتى يختم عليها، فلا يدخلها حق، ولا يصل إليها خير، ولا يسمعون ما ينفعهم، وإنما يسمعون ما به تقوم الحجة عليهم.
✏️{تِلْكَ الْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَائِهَا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِن قَبْلُ ۚ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ [١٠١]
{ تِلْكَ الْقُرَى ْ:- الذين تقدم ذكرهم { نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا ْ} ما يحصل به عبرة للمعتبرين، وازدجار للظالمين، وموعظة للمتقين.
{ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ْ: ولقد جاءت هؤلاء المكذبين رسلهم تدعوهم إلى ما فيه سعادتهم، وأيدهم اللّه بالمعجزات الظاهرة، والبينات المبينات للحق بيانا كاملا،
ولكنهم لم يفدهم هذا، ولا أغنى عنهم شيئا، { فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ ْ: بسبب تكذيبهم وردهم الحق أول مرة، ما كان ليهديهم للإيمان، جزاء لهم على ردهم الحق، كما قال تعالى: { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ْ} { كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ ْ} عقوبة منه. وما ظلمهم اللّه ولكنهم ظلموا أنفسهم.
✏️{وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ ۖ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ [١٠٢]
وما وجدنا لأكثر الأمم الذين أرسل اللّه إليهم الرسل من عهد،: من ثبات والتزام لوصية اللّه التي أوصى بها جميع العالمين، ولا انقادوا لأوامره التي ساقها إليهم على ألسنة رسله.
{ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ْ: خارجين عن طاعة اللّه، متبعين لأهوائهم بغير هدى من اللّه، فاللّه تعالى امتحن العباد بإرسال الرسل وإنزال الكتب، وأمرهم باتباع عهده وهداه، فلم يمتثل لأمره إلا القليل من الناس، الذين سبقت لهم من اللّه، سابقة السعادة.
وأما أكثر الخلق فأعرضوا عن الهدى، واستكبروا عما جاءت به الرسل، فأحل اللّه بهم من عقوباته المتنوعة ما أحل
✏️{ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [١٠٣]
.
ثم بعثنا من بعد أولئك الرسل ، موسى عليه السلام الرسول الكريم، إلى قوم عتاة جبابرة، وهم فرعون وملؤه، من أشرافهم وكبرائهم، فأراهم من آيات اللّه العظيمة ما لم يشاهد له نظير فَظَلَمُوا بِهَا بأن لم ينقادوا لحقها الذي من لم ينقد له فهو ظالم، بل استكبروا عنها.
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ كيف أهلكهم اللّه، وأتبعهم الذم واللعنة في الدنيا ويوم القيامة، بئس الرفد المرفود،
وهذا مجمل فصله بقوله:✏️{وَقَالَ مُوسَىٰ يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ [١٠٤]
وَقَالَ مُوسَى حين جاء إلى فرعون يدعوه إلى الإيمان.
يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ: إني رسول من مرسل عظيم،، مربي جميع خلقه بأنواع التدابير الإلهية، التي من جملتها أنه لا يتركهم سدى،
بل يرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين، وهو الذي لا يقدر أحد أن يتجرأ عليه،.
فإذا كان هذا شأنه، وأنا قد اختارني واصطفاني لرسالته،
✏️{حَقِيقٌ عَلَىٰ أَن لَّا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ [١٠٥]
فحقيق علي أن لا أكذب عليه، ولا أقول عليه إلا الحق. فإني لو قلت غير ذلك لعاجلني بالعقوبة،
فهذا موجب لأن ينقادوا له ويتبعوه، خصوصا وقد جاءهم ببينة من اللّه واضحة على صحة ما جاء به من الحق،
فوجب عليهم أن يعملوا بمقصود رسالته، ولها مقصودان عظيمان. إيمانهم به، واتباعهم له، وإرسال بني إسرائيل الشعب الذي فضله اللّه على العالمين، أولاد الأنبياء، الذي موسى عليه الصلاة والسلام واحد منهم.
فقال له فرعون: ✏️{قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [١٠٦]
✏️{فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ [١٠٧]
أي: حية ظاهرة تسعى، وهم يشاهدونها.
((لاحظي الفاء التعقيبة هنا في اللغة تدل على السرعة )) منذ طلب فرعون الاية امده الله سبحانه وتعالى بالاية ، وهذه معجزة
✨ الاية الثانية :- ✏️{وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ [١٠٨]
من غير سوء، فهاتان آيتان كبيرتان دالتان على صحة ما جاء به موسى وصدقه،
وأنه رسول رب العالمين، ولكن الذين لا يؤمنون لو جاءتهم كل آية لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم.
فلهذا✏️{قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ [١٠٩]
قَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ حين بهرهم ما رأوا من الآيات، ولم يؤمنوا، وطلبوا لها التأويلات الفاسدة: إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ: ماهر في سحره.
✏️{يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ ۖ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ [١١٠]
ثم خوفوا ضعفاء الأحلام وسفهاء العقول، بأنه يُرِيدُ موسى بفعله هذا أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ: يريد أن يجليكم عن أوطانكم
فَمَاذَا تَأْمُرُونَ: إنهم تشاوروا فيما بينهم ما يفعلون بموسى،، فإن ما جاء به إن لم يقابل بما يبطله ويدحضه، وإلا دخل في عقول أكثر الناس.
فحينئذ انعقد رأيهم إلى أن قالوا لفرعون:
✏️{ قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ [١١١]
: احبسهما وأمهلهما، وابعث في المدائن أناسا يحشرون أهل المملكة
✏️{يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ [١١٢]
ويأتون بكل سحار عليم،: يجيئون بالسحرة المهرة، ليقابلوا ما جاء به موسى،
فقالوا: يا موسى اجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى.
قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى *
فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى .
وقال هنا: ✏️{وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ [١١٣]
وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ طالبين منه الجزاء إن غلبوا
فـ قَالُوا إِنَّ لَنَا لأجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ؟
فـ قَالَ فرعون: ✏️{قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ [١١٤]
نَعَمْ لكم أجر وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ فوعدهم الأجر والتقريب، وعلو المنـزلة عنده، ليجتهدوا ويبذلوا وسعهم وطاقتهم في مغالبة موسى.
فلما حضروا مع موسى بحضرة الخلق العظيم قَالُوا على وجه التألي وعدم المبالاة بما جاء به موسى:
✏️{قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ [١١٥]
يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ ما معك وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ .
فـ قَالَ موسى: ✏️{قَالَ أَلْقُوا ۖ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ [١١٦]
أَلْقُوا لأجل أن يرى الناس ما معهم وما مع موسى.
فَلَمَّا أَلْقَوْا حبالهم وعصيهم، إذا هي من سحرهم كأنها حيات تسعى، فـ سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ لم يوجد له نظير من السحر.
✏️{وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ [١١٧]
وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حية تسعى، فـ تَلْقَفُ جميع مَا يَأْفِكُونَ: يكذبون به ويموهون.
✏️{فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [١١٨]
فَوَقَعَ الْحَقُّ: تبين وظهر، واستعلن في ذلك المجمع، وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ .
✏️{فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ [١١٩]
فَغُلِبُوا هُنَالِكَ: في ذلك المقام وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ: حقيرين قد اضمحل باطلهم، وتلاشى سحرهم، ولم يحصل لهم المقصود الذي ظنوا حصوله.
وأعظم من تبين له الحق العظيم أهل الصنف والسحر،
الذين يعرفون من أنواع السحر وجزئياته، ما لا يعرفه غيرهم، فعرفوا أن هذه آية عظيمة من آيات اللّه لا يدان لأحد بها.
✏️{وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ [١٢٠]
✏️{قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ [١٢١]
✏️{رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ [١٢٢]
أي: وصدقنا بما بعث به موسى من الآيات البينات.
✏️{قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [١٢٣
" قَالَ " لَهُمْ " فِرْعَوْنَ " متهددا لهم على الإيمان: " آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ " .
كان الخبيث حاكما مستبدا على الأديان والأقوال, قد تقرر عنده وعندهم, أن قوله هو المطاع, وأمره نافذ فيهم, ولا خروج لأحد عن قوله وحكمه.
وبهذه الحالة تنحط الأمم, وتضعف عقولها ونفوذها, وتعجز عن المدافعة عن حقوقها,
ولهذا قال اللّه عنه: " فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ "
وقال هنا " آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ " أي: فهذا سوء أدب منكم وتجرؤ عَليَّ.
ثم موه على قومه وقال: " إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا " .
: إن موسى كبيركم الذي علمكم السحر, فتواطأتم أنتم وهو, على أن تنغلبوا له, فيظهر, فتتبعوه, ثم يتبعكم الناس أو جمهورهم, فتخرجوا منها أهلها.
وهذا كذب يعلم هو, ومن سير الأحوال, أن موسى عليه الصلاة والسلام, لم يجتمع بأحد منهم, وأنهم جمعوا على نظر فرعون, ورسله.
وأن ما جاء به موسى, آية إلهية, وأن السحرة قد بذلوا مجهودهم في مغالبة موسى, حتى عجزوا, وتبين لهم الحق, فاتبعوه.
ثم توعدهم فرعون بقوله: ✏️{لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ [١٢٤]
" فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ " ما أحل بكم من العقوبة.
" لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ " زعم الخبيث أنهم مفسدون في الأرض, وسيصنع بهم ما يصنع بالمفسدين, من تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف, أي: اليد اليمنى والرجل اليسرى.
" ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ " في جذوع النخل, لتختزوا بزعمه " أَجْمَعِينَ " أي: لا أفعل هذا الفعل بأحد دون أحد, بل كل سيذوق هذا العذاب.
✏️{قَالُوا إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ [١٢٥]
فقال السحرة, الذين آمنوا, لفرعون حين تهددهم: " إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ ": فلا نبالي بعقوبتك, فاللّه خير وأبقى, فاقض ما أنت قاض.
✏️{وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا ۚ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ [١٢٦]
" وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا ": وما تعيب منا على إنكارك علينا, وتوعدك لنا❓فليس لنا ذنب " إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا " فإن كان هذا ذنبا يعاب عليه, ويستحق صاحبه العقوبة, فهو ذنبنا.
ثم دعوا اللّه أن يثبتهم ويصبرهم فقالوا: " رَبَّنَا أَفْرِغْ ": أفض " عَلَيْنَا صَبْرًا ": عظيما, كما يدل عليه التنكير, لأن هذه محنة عظيمة, تؤدي إلى ذهاب النفس.
فيحتاج فيها من الصبر, إلى شيء كثير, ليثبت الفؤاد, ويطمئن المؤمن على إيمانه, ويزول عنه الانزعاج الكثير.
" وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ": منقادين لأمرك, متبعين لرسولك.
والظاهر أنه أوقع بهم ما توعدهم عليه, وأن اللّه تعالى ثبتهم على الإيمان.
✏️{وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ۚ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ [١٢٧]
هذا, وفرعون وملأه, وعامتهم المتبعون للملأ, قد استكبروا عن آيات اللّه, وجحدوا بها, ظلما وعلوا, وقالوا لفرعون مهيجين له على الإيقاع بموسى, وزاعمين أن ما جاء به باطل وفساد: " أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ " بالدعوة إلى اللّه, وإلى مكارم الأخلاق, ومحاسن الأعمال, التي هي الصلاح في الأرض, وما هم عليه هو الفساد, ولكن الظالمين لا يبالون بما يقولون.
" وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ " أي يدعك أنت وآلهتك, وينهى عنك, ويصد الناس عن اتباعك.
" قَالَ " فرعون مجيبا لهم, بأنه سيدع بني إسرائيل مع موسى, بحالة لا ينمون فيها, ويأمن فرعون وقومه - بزعمه - من ضررهم: " سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ " أي: نستبقيهن فلا نقتلهن, فإذا فعلنا ذلك, أمنا من كثرتهم, وكنا مستخدمين لباقيهم, ومسخرين لهم على ما نشاء من الأعمال.
" وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ " لا خروج لهم عن حكمنا, ولا قدرة, وهذا نهاية الجبروت والعتو والقسوة من فرعون.
✏️{قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ۖ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [١٢٨]
" قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ " موصيا لهم في هذه الحالة, التى لا يقدرون معها على شيء, ولا مقاومة إلا بالمقاومة الإلهية,
والاستعانة الربانية: " اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ " أي: اعتمدوا عليه في جلب ما ينفعكم, ودفع ما يضركم.
وثقوا باللّه, أنه سيتم أمركم " وَاصْبِرُوا " أي: ألزموا الصبر على ما يحل بكم, منتظرين للفرج.
" إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ " ليست لفرعون ولا لقومه, حتى يتحكموا فيها.
" يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ " أي: يداولها بين الناس, على حسب مشيئته وحكمته.
ولكن العاقبة للمتقين,
فإنهم - وإن امتحنوا مدة ابتلاء من اللّه وحكمة - فإن النصر لهم.
" وَالْعَاقِبَةُ " الحميدة " لِلْمُتَّقِينَ " على قومهم.
وهذه وظيفة العبد, أنه عند القدرة, أن يفعل من الأسباب الدافعة عنه أذى الغير, ما يقدر عليه, وعند العجز, أن يصبر ويستعين اللّه, وينتظر الفرج.
✏️{قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [١٢٩]
" قَالُوا " لموسى متضجرين من طول ما مكثوا في عذاب فرعون, وأذيته:
" أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا " فإنهم كانوا يسوموننا سوء العذاب, يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا "
وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا " كذلك.
" قَالَ " لهم موسى, مرجيا لهم بالفرج والخلاص من شرهم: "
عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ ": يمكنكم فيها, ويجعل لكم التدبير فيها " فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ "
هل تشكرون أم تكفرون.
وهذا وعد, أنجزه اللّه, لما جاء الوقت الذي أراده اللّه.
🌟وقفة تأمل 🌟
هذا الحوار الدي دار بين فرعون وملائه
وموسى وقومه ،، وتذكير موسى لقومه
أشد مانحتاج نحن له في هذه الايام
((استعينوا بالله )) نقولها لأنفسنا في هذا الوقت الملئ بالفتن
يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي الرجل مؤمنًا ويصبح كافرًا،
فتنًا تتخطف الأنسان،، لدرجة أن الأنسان يضع يده على قلبه ويقول يارب ثبت هذا القلب على دينك حتى نلقاك 🍃
علينا أن نعمل بوصية موسى عليه السلام
لقومه
*هذه الوصية الربانية *
[ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ۖ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ
ثم عقب ((وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)) ]
النصر للمتقين
*اللهم استعملنا ولا تستبدلنا
*اللهم اجعلنا من عبادك المتقين
ومسكنا بهذا الدين حتى نلقاك🍃
*اللهم وفقنا لصالح الاعمال واعنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك واغفر لنا ولوالدينا واحبابنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والاموات.🍃
*اللهم بلغنا رمضان بلوغ توفيق وخير وبركة يرضيك عنا يا رب العالمين.🍃
✨نكمل اللقاء القادم بإذن الله 🌱
اللهم صلّ وسلّم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم
الدين ⚡️
سبحانك اللهم وبحمدك،
أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك🌷
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق