✍🏻 المجلس التدبّري لـ سورة يوسف .. 1️⃣
الاثنين: ١٤- صفر - ١٤٤٦ هجري
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
📌سورة يوسف من أحسن القصص.
أسماء السورة:-
سميت هذه السورة بسورة (يوسف) :
📕 فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: ((قلت يا رسول الله، أقرئني سورة هود، وسورة يوسف... )) .
📘 وعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: (كنت بحمص فقال لي بعض القوم : اقرأ علينا. فقرأت عليهم سورة يوسف) .
📕 وعن عمرو بن ميمون، في قصة مقتل عمر رضي الله عنه، قال: (وكان أي: عمر إذا مر بين الصفين قال: استووا، حتى إذا لم ير فيهن خللا تقدم فكبر، وربما قرأ سورة يوسف، أو النحل، أو نحو ذلك في الركعة الأولى) .
*حرصهم على قراءة يوسف ماتتضمن هذه من آداب وفيها من التثبيت إذا تدبرها المؤمن علم أن الله سبحانه وتعالى
لطيف خبير قادر على جبر عباده ،، وتفريج كربتهم وبو بعد حين..
📌فضائل السورة وخصائصها:-
*أنها السورة الوحيدة التي أفردت لقصة نبي الله يوسف عليه السلام، ولم تذكر قصته في غيرها .
*لم تذكر قصة نبي في القرآن بمثل هذا الإطناب كما ذكرت قصة يوسف عليه السلام في هذه السورة، فهي أطول قصة في القرآن .
📌أجمع العلما على أن هذه السورة مكية
وعدد آياتها ..1️⃣1️⃣1️⃣
📌من أهم مقاصد سورة يوسف:
*تنبيه ،، مقاصد السورة ليست فقط هذه المقاصد لكن العلماء ذكروا مافتح عليهم من مقاصد فإن مقاصدها شي عظيم
مالايدركه عقل بني آدم ..
*لكن عندما نقرأ هذه السورة نسأل أنفسنا سؤال ماذا أريد من هذه السورة ❓
الله عز وجل ماذا يريد منّا ونحن نستمع ونقرأ ونتدبّر هذه السورة..
*بيان أن العاقبة للمؤمنين المتقين الصابرين رغم الابتلاءات والمحن .
*تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وتطمين نفوسهم .
📌 موضوعات السورة:-
ذكرت قصة يوسف عليه السلام في هذه السورة مفصلة في مكان واحد، دون غيرها من قصص الأنبياء، ومن أبرز ما اشتملت عليه هذه السورة من تفاصيل هذه القصة وغيرها من موضوعات:-
*ذكر جانب من فضائل القرآن الكريم، وإعجازه في أسلوب القصص وعرضها.
*رؤيا يوسف عليه السلام، ومكر إخوته به، وحسدهم له وتآمرهم عليه.
*انتشال السيارة ليوسف من الجب، وبيعهم له، ومحنته في قصر العزيز، ومراودة امرأة العزيز له، وشيوع خبرها، وما فعلته امرأة العزيز مع النسوة اللاتي تكلمن بذلك.
*حادثة دخول يوسف السجن بعد ظهور براءته، ودعوته إلى الله فيه.
*الرؤيا التي رآها الملك، وتفسير يوسف لها، وثبوت براءة يوسف، وخروجه من السجن، واستلامه للملك والوزارة، وظهور شأنه.
*لقاء يوسف بإخوته دون أن يعرفوه، وطلبه حضور أخيهم معهم في المرة القادمة، ثم احتجازه عنده بحيلة دبرها بإلهام من الله، وما حصل لأبيهم بعد ذلك من الحزن.
*لقاء يوسف بإخوته مرة ثانية، وكشفه عن نفسه، وتذكيرهم بما فعلوا به، وعفوه عنهم، ثم أمرهم بالعودة إلى أبيهم، وإلقاء قميصه على وجهه؛ ليرجع بصره إليه.
*حضورهم بعد ذلك إلى يوسف، واجتماعه بأبويه وأهله في مصر، وإكرامه لهم.
تعقيبات على ما ورد في قصة يوسف، فذكر تعالى ما يدل على أن القرآن من عند الله، وأن العاقبة له ولأتباعه من المؤمنين.
📝تفسير الآيات من آية (١) إلى آية (٢٢)
@ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ @
✏️{الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ [١]
الأحرف المقطعة دائمًا لمّا تأتي بعد كل سورة من القرآن يأتي بعدها انتصار للقرآن
أو بيان أحد أوصاف هذا القرآن..
يخبر تعالى أن آيات القرآن هي { آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ْ: البين الواضحة ألفاظه ومعانيه.
ومن بيانه وإيضاحه:
✏️{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [٢]
أنه أنزله باللسان العربي، أشرف الألسنة، وأبينها، [المبين لكل ما يحتاجه الناس من الحقائق النافعة ] وكل هذا الإيضاح والتبيين
{ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ْ: لتعقلوا حدوده وأصوله وفروعه، وأوامره ونواهيه.
فإذا عقلتم ذلك بإيقانكم واتصفت قلوبكم بمعرفتها، أثمر ذلك عمل الجوارح والانقياد إليه،
📝 نستفيد من هذه الاية..
أن كل من اصطفاه الله لسماع القرآن،، لحفظ القرآن لتعليم القرآن،، حتى حضور مجالس القرآن هو ممن اصطفاه الله محض منة من الله وإحسان ..
..
🏷️ من الفوائد في هذه الآيات :-
ضرورة العلم بمعاني الكتاب العزيز
أن الله أنزله إلينا بلسان عربي مبين حتى نعقله والعقل لايكون إلاّ مع العلم بمعانيه
نسأل الله أن يفقهنا في القرآن العظيم 🍃
ثم قال ✏️{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ [٣]
ذلك لصدقها وسلاسة عبارتها ورونق معانيها، { بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ ْ: بما اشتمل عليه هذا القرآن الذي أوحيناه إليك، وفضلناك به على سائر الأنبياء، وذاك محض منَّة من الله وإحسان.
{ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ْ: ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان قبل أن يوحي الله إليك، ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا.
ولما مدح ما اشتمل عليه هذا القرآن من القصص، وأنها أحسن القصص على الإطلاق، فلا يوجد من القصص في شيء من الكتب مثل هذا القرآن، ذكر قصه يوسف، وأبيه وإخوته، القصة العجيبة الحسنة فقال:
✏️[إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ [٤]
واعلم أن الله ذكر أنه يقص على رسوله أحسن القصص في هذا الكتاب،
: اذكر- يا محمد- لقومك حين قال يوسف لأبيه يعقوب- عليهما الصلاة والسلام: يا أبت، إني رأيت في المنام أحد عشر نجما، والشمس والقمر، رأيتهم ساجدين لي .
📕 عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أكرم الناس يوسف نبي الله، ابن نبي الله، ابن نبي الله، ابن خليل الله )) .
.
فقوله تعالى: { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ ْ} يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم الصلاة والسلام: { يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ْ} فكانت هذه الرؤيا مقدمة لما وصل إليه يوسف عليه السلام من الارتفاع في الدنيا والآخرة.
وهكذا إذا أراد الله أمرا من الأمور العظام قدم بين يديه مقدمة، توطئة له، وتسهيلا لأمره، واستعدادا لما يرد على العبد من المشاق، لطفا بعبده، وإحسانا إليه،
{ وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ ْ: يصطفيك ويختارك بما يمنُّ به عليك من الأوصاف الجليلة والمناقب الجميلة،.
{ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ْ: من تعبير الرؤيا، وبيان ما تئول إليه الأحاديث الصادقة، كالكتب السماوية ونحوها،
{ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ْ} في الدنيا والآخرة، بأن يؤتيك في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، { كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ ْ} حيث أنعم الله عليهما، بنعم عظيمة واسعة، دينية، ودنيوية.
{ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ْ: علمه محيط بالأشياء، وبما احتوت عليه ضمائر العباد من البر وغيره، فيعطي كلا ما تقتضيه حكمته وحمده، فإنه حكيم يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها.
ولما بان تعبيرها ليوسف، قال له أبوه:
✏️{قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ [٥]
حسدا من عند أنفسهم، أن تكون أنت الرئيس الشريف عليهم.:- إن الشيطان لآدم وذريته عدو ظاهر العداوة، يحملهم على الحسد والكيد
كما قال تعالى: ﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا﴾
نسأل الله السلامة والعافية من مكره وكيده وخداعه ،،وأن يجيرنا ويعيذنا منه🍃
فامتثل يوسف أمر أبيه، ولم يخبر إخوته بذلك، بل كتمها عنهم..
📌 نستفيد من هاتين الايتين؛-
<قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ >
في خطاب يعقوب ليوسف تنهية عن أن يقص على إخوته- مخافة كيدهم- دلالة على تحذير المسلم أخاه المسلم ممن يخافه عليه، والتنبيه على بعض ما لا يليق، ولا يكون ذلك داخلا في باب الغيبة .
*ينبغي البعد عن أسباب الشر، وكتمان ما تخشى مضرته؛ لقول يعقوب ليوسف: يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ، ففيه الحث على التحرز مما يخشى ضره؛ فالإنسان مأمور بالاحتراز، فإن نفع فذاك، وإلا لم يلم العبد نفسه.
*قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا:- جواز ترك إظهار النعمة لمن يخشى منه حسد ومكر ، فليس للمحسود أسلم من إخفاء نعمته عن الحاسد .
*قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا :-في الآية دليل على أن الرؤيا لا تقص على غير شفيق ولا ناصح، ولا على امرئ لا يحسن التأويل فيها .
*إن نعمة الله على العبد نعمة على من يتعلق به من أهل بيته وأقاربه وأصحابه، وأنه ربما شملتهم، وحصل لهم ما حصل له بسببه، كما قال يعقوب في تفسيره لرؤيا يوسف
✏️{وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [٦]
ولما تمت النعمة على يوسف، حصل لآل يعقوب من العز والتمكين في الأرض، والسرور والغبطة ما حصل بسبب يوسف .
<وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ >
من نعم الله أنه اصطفاه واختاره بما منّ عليه من الأوصاف الجليلة والمناقب
العلية ..
✏️{لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ [٧]
عبر وأدلة على كثير من المطالب الحسنة، { لِلسَّائِلِينَ ْ: لكل من سأل عنها بلسان الحال أو بلسان المقال، فإن السائلين هم الذين ينتفعون بالآيات والعبر، وأما المعرضون فلا ينتفعون بالآيات، ولا في القصص والبينات.
✏️{إِذْ قَالُوا <فيما بينهم > لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ
[٨]
: { لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ ْ} بنيامين،: شقيقه، وإلا فكلهم إخوة. { أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌْ}: جماعة، فكيف يفضلهما علينا بالمحبة والشفقة،
{ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ْ: لفي خطأ بيِّن، حيث فضلهما على أخوته.
✏️{اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ
[٩]
ْ: غيبوه عن أبيه في أرض بعيدة لا يتمكن من رؤيته فيها.
فإنكم إذا فعلتم أحد هذين الأمرين
{ يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ ْ: يتفرغ لكم، ويقبل عليكم بالشفقة والمحبة، فإنه قد اشتغل قلبه بيوسف شغلا لا يتفرغ لكم،
{ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ ْ: من بعد هذا الصنيع { قَوْمًا صَالِحِينَ ْ: تتوبون إلى الله، وتستغفرون من بعد ذنبكم.
فقدموا العزم على التوبة قبل صدور الذنب منهم تسهيلا لفعله، وإزالة لشناعته، وتنشيطا من بعضهم لبعض.
✏️{قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ [١٠]
من إخوة يوسف الذين أرادوا قتله أو تبعيده: { لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ ْ} فإن قتله أعظم إثما وأشنع، والمقصود يحصل بتبعيده عن أبيه من غير قتل،
ولكن توصلوا إلى تبعيده بأن تلقوه { فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ ْ} وتتوعدوه على أنه لا يخبر بشأنكم، بل على أنه عبد مملوك آبق منكم، لأجل أن { يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ ْ} الذين يريدون مكانا بعيدا، فيحتفظون فيه.
📌وهذا القائل أحسنهم رأيا في يوسف، وأبرهم وأتقاهم في هذه القضية، فإن بعض الشر أهون من بعض، والضرر الخفيف يدفع به الضرر الثقيل، .
@ فلما اتفقوا على هذا الرأي.
قال إخوة يوسف، متوصلين إلى مقصدهم لأبيهم:
✏️{قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ [١١]
لأي شيء يدخلك الخوف منا على يوسف، من غير سبب ولا موجب؟ { وَ ْ} الحال { إِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ْ: مشفقون عليه، نود له ما نود لأنفسنا، وهذا يدل على أن يعقوب عليه السلام لا يترك يوسف يذهب مع إخوته للبرية ونحوها.
فقالوا:✏️{أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [١٢]
: يتنزه في البرية ويستأنس. { وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ْ: سنراعيه، ونحفظه من أذى يريده.
فأجابهم بقوله: ✏️{قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ [١٣]
: مجرد ذهابكم به يحزنني ويشق علي، لأنني لا أقدر على فراقه، ولو مدة يسيرة، فهذا مانع من إرساله
{ وَ ْ} مانع ثان، وهو أني { أَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ْ: في حال غفلتكم عنه، لأنه صغير لا يمتنع من الذئب.
✏️{قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُونَ [١٤]
: جماعة، حريصون على حفظه، { إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ ْ: لا خير فينا ولا نفع يرجى منا إن أكله الذئب وغلبنا عليه.
*فلما مهدوا لأبيهم الأسباب الداعية لإرساله، وعدم الموانع، سمح حينئذ بإرساله معهم لأجل أنسه.
✏️{فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ [١٥]
لما ذهب إخوة يوسف بيوسف بعد ما أذن له أبوه، وعزموا على أن يجعلوه في غيابة الجب، كما قال قائلهم السابق ذكره، وكانوا قادرين على ما أجمعوا عليه، فنفذوا فيه قدرتهم، وألقوه في الجب، ثم إن الله لطف به بأن أوحى إليه وهو في تلك الحال الحرجة،
{ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ : سيكون منك معاتبة لهم، وإخبار عن أمرهم هذا، وهم لا يشعرون بذلك الأمر، ففيه بشارة له، بأنه سينجو مما وقع فيه، وأن الله سيجمعه بأهله وإخوته على وجه العز والتمكين له في الأرض.
✏️{وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ [١٦]
ليكون إتيانهم متأخرا عن عادتهم، وبكاؤهم دليلا لهم، وقرينة على صدقهم.
فقالوا - متعذرين بعذر كاذب -
✏️{قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ [١٧]
إما على الأقدام، أو بالرمي والنضال، { وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا } توفيرا له وراحة.
{ فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ } في حال غيبتنا عنه في استباقنا { وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ : تعذرنا بهذا العذر، والظاهر أنك لا تصدقنا لما في قلبك من الحزن على يوسف، والرقة الشديدة عليه.
ولكن عدم تصديقك إيانا، لا يمنعنا أن نعتذر بالعذر الحقيقي، وكل هذا، تأكيد لعذرهم. { وَ } مما أكدوا به قولهم، أنهم .
✏️{وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ۚ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ [١٨]
زعموا أنه دم يوسف حين أكله الذئب، فلم يصدقهم أبوهم بذلك، و { قَالَ } { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا : زينت لكم أنفسكم أمرا قبيحا في التفريق بيني وبينه، لأنه رأى من القرائن والأحوال [ ومن رؤيا يوسف التي قصَّها عليه ] ما دلّه على ما قال.
{ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ : أما أنا فوظيفتي سأحرص على القيام بها، وهي أني أصبر على هذه المحنة صبرا جميلا سالما من السخط والتَّشكِّي إلى الخلق، وأستعين الله على ذلك، لا على حولي وقوتي،
فوعد من نفسه هذا الأمر وشكى إلى خالقه في قوله: { إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ } لأن الشكوى إلى الخالق لا تنافي الصبر الجميل، لأن النبي إذا وعد وفى.
✏️{وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ ۖ قَالَ يَا بُشْرَىٰ هَٰذَا غُلَامٌ ۚ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ [١٩]
مكث يوسف في الجب ما مكث، حتى { جَاءَتْ سَيَّارَةٌ } أي: قافلة تريد مصر، { فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ : فرطهم ومقدمهم، الذي يعس لهم المياه، ويسبرها ويستعد لهم بتهيئة الحياض ونحو ذلك، { فَأَدْلَى } ذلك الوارد { دَلْوَهُ } فتعلق فيه يوسف عليه السلام وخرج. { قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ } أي: استبشر وقال: هذا غلام نفيس، { وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً } وكان إخوته قريبا منه، فاشتراه السيارة منهم، { بِثَمَنٍ بَخْسٍ } أي: قليل جدا، فسره بقوله: { دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ }
*لأنه لم يكن لهم قصد إلا تغييبه وإبعاده عن أبيه، ولم يكن لهم قصد في أخذ ثمنه،
✏️{وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ [٢٠]
والمعنى في هذا: أن السيارة لما وجدوه، عزموا أن يُسِرُّوا أمره، ويجعلوه من جملة بضائعهم التي معهم، حتى جاءهم إخوته فزعموا أنه عبد أبق منهم، فاشتروه منهم بذلك الثمن، واستوثقوا منهم فيه لئلا يهرب، والله أعلم.
✏️{وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [٢١]
لما ذهب به السيارة إلى مصر وباعوه بها، فاشتراه عزيز مصر، فلما اشتراه، أعجب به، ووصى عليه امرأته.
وقال: { أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا }: إما أن ينفعنا كنفع العبيد بأنواع الخدم، وإما أن نستمتع فيه استمتاعنا بأولادنا، ولعل ذلك أنه لم يكن لهما ولد،
{ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ : كما يسرنا له أن يشتريه عزيز مصر، ويكرمه هذا الإكرام، جعلنا هذا مقدمة لتمكينه في الأرض من هذا الطريق.
{ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ } من علم الأحكام، وعلم التعبير، وغير ذلك. { وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ } أي: أمره تعالى نافذ، لا يبطله مبطل، ولا يغلبه مغالب، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } فلذلك يجري منهم ويصدر ما يصدر، في مغالبة أحكام الله القدرية، وهم أعجز وأضعف من ذلك.
📌الله سبحانه وتعالى قادر على تفريج كربك وإن طال الزمان ..
✏️{وَلَمَّا بَلَغَ(يوسف ) أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [٢٢]
{ أَشُدَّهُ : كمال قوته المعنوية والحسية، وصلح لأن يتحمل الأحمال الثقيلة، من النبوة والرسالة. { آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا : جعلناه نبيا رسولا، وعالما ربانيا،
{ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } في عبادة الخالق ببذل الجهد والنصح فيها، وإلى عباد الله ببذل النفع والإحسان إليهم،
📌 ودل هذا، على أن يوسف وفَّى مقام الإحسان، فأعطاه الله الحكم بين الناس والعلم الكثير والنبوة.
✨ قصة مراودة العزيز لـ يوسف عليه السلام
تكون اللقاء القادم بإذن الله.. ✨
@ الله سبحانه وتعالى أتاه من العلم والحكمة لعله في هذا تثبيت له من الله
عز وجل
@ وفي هذا دليل على أن العلم مثبت لقلب صاحبه
خشيتِ الفتنة أو انتكاس عليك بالعلم الشرعي القرآن والسنة..
اللهم نسألك علمًا نافعا،، متبعا لشرعه الله وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم..🍃
اللهم صلّ وسلّم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم
الدين 🍃
سبحانك اللهم وبحمدك،
أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق